
نقاش حاد داخل لجنة العدل حول مشروع قانون المسطرة الجنائية وتعديلات “الإذن بالتقاضي” تثير الجدل
شهدت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، صباح أول أمس الثلاثاء، جلسة نقاش ساخنة حول مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، وذلك بحضور وزير العدل عبد اللطيف وهبي، حيث تم التطرق إلى عدد من التعديلات الجوهرية، خاصة المتعلقة بتوسيع دور المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، واشتراط الإذن المسبق للجمعيات للتقاضي.
وتركز الجدل بشكل خاص حول المادتين 3 و7 من المشروع، لما تضمنتاه من حصر صلاحية إقامة الدعوى العمومية في يد النيابة العامة، وفرض قيود على الجمعيات، من خلال اشتراط الحصول على إذن خاص من وزارة العدل للانتصاب كطرف مدني في قضايا الفساد والمال العام.
وتنص المادة 3 من مشروع القانون على أن تحريك الدعوى العمومية في قضايا المال العام لا يمكن أن يتم إلا بناء على طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، وبعد إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على تقارير صادرة عن المفتشيات العامة أو الإدارات أو الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة.
واعتبر نواب من المعارضة أن هذا التقييد يحد من دور المجتمع المدني ويعيق مكافحة الفساد، مطالبين بالعودة إلى الصيغة السابقة التي تخول لبعض الموظفين المختصين تحريك الدعوى العمومية دون هذه الشروط.
كما أثارت المادة 7 نقاشا مماثلا، إذ تشترط على الجمعيات المعترف بها ذات المنفعة العامة أن تحصل على إذن مسبق بالتقاضي من وزارة العدل، وهو ما وصفه نواب المعارضة بـ”التقييد المزدوج”، باعتباره يقيد حق الجمعيات ويمنح السلطة التنفيذية سلطة تقديرية غير محددة، ما قد يؤدي إلى “فرملة دور الجمعيات الحقوقية وتفريغ مهامها من مضمونها”.
في المقابل، اقترحت فرق الأغلبية تعديل المادة 15 بإضافة مقتضى يمنع إعادة تمثيل الجريمة أو تصويرها خلال البحث أو التحقيق، معتبرة أن ذلك يشكل مسا بقرينة البراءة، غير أن وزير العدل رفض هذا التعديل موضحا أن “تمثيل الجريمة يتم في مصلحة المتهم، دون إظهار هويته أو صورته”.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال عبد اللطيف وهبي إن مشروع القانون عرف نقاشا عميقا، خاصة في المواد 3 و7 و20، مشيرا إلى أنه تم التوافق على ما يفوق 200 تعديل من أصل 1380 تعديلا تقدمت بها مختلف الفرق البرلمانية.
من جهته، أكد رئيس اللجنة سعيد بعزيز، أن عدد التعديلات المقدمة يُعد سابقة في تاريخ المؤسسة التشريعية، بالنظر لأهمية النص الذي يشكل العمود الفقري للمحاكمة العادلة في المجال الجنائي، مشددا على أن المشروع يهدف إلى إحداث توازن بين حق الدولة في العقاب وحماية الحقوق الفردية والجماعية.
ويُنتظر أن تواصل اللجنة البت في باقي التعديلات، وسط دعوات لضرورة استحضار توصيات المؤسسات الدستورية المعنية وتعزيز حماية الحقوق والحريات ضمن هذا القانون الحاسم في مسار العدالة الجنائية بالمملكة.