الضاحيةمراكش

جماعة لوداية بين شلل التراخيص وانتعاش البناء العشوائي.. تعمير خارج القانون يسائل السلطات

تعيش جماعة لوداية التابعة لعمالة مراكش، إلى جانب جماعة سيدي الزوين المجاورة، على وقع شلل عمراني غير مسبوق منذ سنة 2017، بعد أن تم تعليق منح رخص البناء القانونية التي تشترط التوفر على شهادة التصرف المسلمة من طرف الجماعة السلالية والسلطة المحلية، وهي وثيقة ظل الحصول عليها رهينا بحصر لائحة ذوي الحقوق من قبل مصالح وزارة الداخلية، وهي اللائحة التي خضعت لمراجعات متكررة دون أن يتم الحسم فيها إلى حدود الساعة.

– تعليق التراخيص الرسمية… وانتعاش البناء خارج القانون

في ظل هذا الجمود الإداري، تشهد المنطقة، وفق معطيات توصلت بها صحيفة “المراكشي”، تناميا ملحوظا للبناء غير المرخص، خاصة في مركز اثنين لوداية ودوار أولاد أعكَيل وأبي السباع وعدد من الدواوير الأخرى التابعة للجماعة، وسط تساؤلات عن مدى قانونية هاته العملية في ظل توقف التراخيص، علما أن عددا من البقع التي تم بناؤها تعود للأغيار في الوقت الذي يتم فيه منع أفراد من الجماعة السلالية (ذوي الحقوق) من البناء رغم تقدمهم بطلبات الحصول على شواهد التصرف لمصالح ولاية جهة مراكش آسفي.

وأشارت نفس المعطيات، إلى أن منح شواهد التصرف لذوي الحقوق في الوقت الراهن يخضع لمسطرة معقدة وتتطلب وقتا طويلا، حيث لا تزال طلبات عدد من ذوي الحقوق في مكاتب المصلحة المختصة بولاية الجهة رغم استيفائهم المساطر وتقديم طلباتهم منذ مدة طويلة، حيث ظل بعظها يراوح مكانه في مكاتب ولاية جهة مراكش آسفي لأكثر من سنتين.

وأضافت ذات المعطيات، أن استمرار تعليق منح شواهد التصرف القانونية ساهم بشكل مباشر في انتشار ممارسات غير قانونية تتعلق بالبناء العشوائي والتوسع العمراني الفوضوي، في غياب أي تفعيل حقيقي للرقابة، الأمر الذي يفتح الباب أمام شبهات حول معايير الانتقاء والمحاباة في تطبيق القانون.

الأكثر مأساوية في هذا الواقع هو ما تعانيه بعض الأسر المتضررة من زلزال شتنبر 2023، لا سيما بمركز جماعة سيدي الزوين، حيث وجدت نفسها مجبرة على العيش تحت أسقف مساكن طينية متهالكة، بعد أن تم رفض طلباتها لإعادة البناء، بحجة غياب شهادة التصرف، وضع يصفه بعض المتابعين بكونه “ضربا من التناقض الإداري”، إذ يُحرم المتضرر من ترميم بيته المنهار، بينما تُشيّد في الجوار منازل جديدة من طابقين أو أكثر.

– فوضى عمرانية… وأعين السلطات نائمة؟

في مقابل هذا المنع الرسمي، يلاحظ عدد من السكان والمراقبين تساهلا غير مفهوم مع أوراش بناء تُقام دون ترخيص ظاهر، في ظل صمت مريب للسلطات المحلية، وهو ما يثير تساؤلات عن مدى الجدية في تطبيق القانون، وعن طبيعة “الانتقائية” في التعامل مع المواطنين.

ولا تقف مظاهر التجاوز عند مجال البناء، بل تمتد إلى تفشي ظاهرة حفر الآبار والثقوب المائية العشوائية دون ترخيص، رغم وجود تعليمات رسمية بتقييد منح تراخيص حفر وتعميق الآبار، لتفادي تأثير الآبار المخصصة للسقي على الآبار والأثقاب المائية المخصصة للتزويد بالماء الصالح للشرب، خصوصا في ظل الأزمة المناخية وتوالي سنوات الجفاف، ما يضع المسؤولية على عاتق السلطات المحلية والدرك الملكي وشرطة المياه ووكالة الحوض المائي، التي يفترض أن تقوم بأدوارها الرقابية والزجرية.

ويبقى الوضع في جماعة لوداية وسيدي الزوين نموذجا مصغرا لإشكالية أوسع تتعلق بمدى نجاعة منظومة التعمير في العالم القروي وشبه الحضري، ومدى قدرة الإدارة على التوفيق بين حق الساكنة في السكن الكريم وبين احترام ضوابط القانون والمساطر.

وفي انتظار حسم وزارة الداخلية في لائحة ذوي الحقوق وإعادة فتح مسطرة منح شواهد التصرف، تبقى الهوة تتسع بين الواقع القانوني والتطبيق العملي، فيما تتكبد فئات واسعة من المواطنين ثمن التأخر الإداري وتراكم التعقيدات البيروقراطية، مقابل انتفاع فئات أخرى في ظل غياب المراقبة أو صمتها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى