وطني

المفتشية العامة للمالية تسرّع تدقيقاتها في سندات طلب جماعات ترابية

كشفت مصادر مطلعة أن المفتشية العامة للمالية شرعت في تسريع مهام تدقيق موسعة لحسابات عدد من الجماعات الترابية، وذلك في سياق تفعيل صلاحيات المراقبة الإدارية والمالية المرتبطة بالميزانيات المحلية.

وتأتي هذه التحركات عقب توصل المفتشية بإشعارات من عدد من آمري الصرف تفيد بتفاقم مخزون سندات الطلب غير المفعلة، والتي فازت بها شركات نالت أوامر بالخدمة دون أن تشرع في تنفيذ الأشغال أو توريد المعدات المطلوبة، ما تسبب في إرباك الميزانيات المحلية، بفعل تسجيل نفقات مبرمجة لم تُقابل بإنجاز فعلي.

وبحسب ذات المصادر، فإن الإشعارات تضمنت تساؤلات حول إمكانية إلغاء سندات الطلب المرتبطة بشركات أخلّت بالتزاماتها، وفتح الباب أمام صفقات جديدة تستجيب لحاجيات الجماعات المحينة، مع ما يقتضيه ذلك من مراجعة لمعايير التأهيل والمنافسة.

ووقف المفتشون خلال مهامهم على اختلالات في محاضر تفويت السندات وتتبع الأشغال، وكشفوا عن فوارق واضحة بين التكلفة الحقيقية للطلبيات العمومية والأسعار المقترحة، ما يفسّر في بعض الحالات انسحاب الشركات أو سعيها للتفويت الثانوي لعقود لمقاولين آخرين.

ومن بين الملاحظات المثيرة للقلق التي رصدتها المفتشية، حيازة مقاولات صغيرة جداً لسندات طلب دون جدوى مالية، حيث تكبدت بعض منها خسائر، وعللت مشاركتها في المنافسات برغبتها في تحصيل “شهادات مرجعية” تؤهلها مستقبلاً لصفقات أكبر.

في المقابل، تم تسليم بعض المشاريع بشكل نهائي لمقاولات بعيدة جغرافيا عن مواقع التنفيذ، رغم ارتفاع التكاليف، ومن دون تسجيل أية اعتراضات، ما زاد من شكوك المفتشين حول وجود تفاهمات غير قانونية أو منافسات صورية.

واستنادا إلى المادة 158 من المرسوم رقم 2.12.349 المتعلق بالصفقات العمومية، يمكن للإدارات المعنية تفعيل آلية الإقصاء المؤقت أو النهائي بحق الشركات التي أخلّت بالتزاماتها، مع إلغاء سندات الطلب غير المنفذة ومنعها من الترشح لطلبات مماثلة لاحقاً، حمايةً للمال العام.

كما أثارت التحقيقات الجارية ملاحظة “إفراط غير مبرر” في استخدام سندات الطلب من قبل بعض الجماعات خلال السنوات الخمس الأخيرة، في مخالفة صريحة للمادة 88 من نفس المرسوم، والتي تنص على ضرورة التنافسية القبلية وتحديد دقيق لمواصفات الخدمات أو الأشغال المطلوبة.

وتشير المعطيات الأولية إلى احتكار بعض الشركات لصفقات سندات طلب من خلال منافسات شكلية، تفتقر إلى الوثائق الضرورية كـالاستشارات الكتابية أو بيانات الأثمان المؤرخة، ما يطرح أسئلة جوهرية حول شفافية تدبير الصفقات العمومية في عدد من الجماعات الترابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى