
دراسة مغربية ترسم خريطة تطور فيروس “كورونا” من سنة 2021 إلى 2024
في أول دراسة مغربية شاملة من نوعها، كشف فريق بحثي من معهد باستور المغرب عن خريطة دقيقة لتطور فيروس كورونا بالمملكة بين عامي 2021 و2024، مسلطا الضوء على التحولات الجينية الكبيرة التي مر بها الفيروس، وانعكاساتها على الصحة العامة.
وقد نُشرت هذه الدراسة في مجلة npj Viruses التابعة لمجموعة Nature العلمية، بمشاركة باحثين من معهد باستور ومستشفى ابن رشد الجامعي بالدار البيضاء، وبدعم من المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
واعتمدت الدراسة على تحليل جينومي لـ235 عينة من مرضى كوفيد-19، وهي أول دراسة وطنية تُجري هذا النوع من التحليل في الوقت الفعلي، بخلاف الدراسات السابقة التي اعتمدت فقط على قواعد بيانات دولية.
من “ألفا” إلى “أوميكرون”: ثلاث مراحل رئيسية
بيّنت النتائج أن عام 2021 شهد تنافسا بين متحوري “ألفا” و”دلتا”، اللذين شكّلا معا أكثر من 75 بالمائة من الإصابات، إلى جانب بداية ظهور “أوميكرون”، لكن اعتبارا من عام 2022، سيطر “أوميكرون” بالكامل، بما في ذلك سلالاته الفرعية، على المشهد الوبائي حتى نهاية الدراسة في 2024.
و أوضحت الدكتورة أميمة بودهب، الباحثة الرئيسية، أن السلالات الحديثة من “أوميكرون”، مثل JN.1.45، تحمل عددا كبيرا من الطفرات (89 طفرة)، مما يعزز قدرتها على التكيف والتهرب من المناعة.
المغرب كمركز إقليمي لانتقال المتحورات
أظهرت التحليلات أن المغرب كان فاعلا في حركة انتشار المتحورات، وليس مجرد متلقٍ لها، حيث سجلت تبادلات جينية مع أوروبا، إفريقيا جنوب الصحراء، وآسيا، خاصة خلال موجات “أوميكرون”، ويرتبط ذلك بموقع المملكة الاستراتيجي وتعدد المنافذ الحدودية، مما يبرز الحاجة إلى تعزيز أنظمة المراقبة الصحية في هذه النقاط.
دلتا الأشد فتكا.. وأوميكرون الأسرع انتشارا
رغم أن متحور “دلتا” كان مسؤولا عن أغلب الحالات الخطيرة، إلا أن “أوميكرون” تفوق في سرعة الانتشار، وكشفت الدراسة أن 79 بالمائة من المصابين ظهرت عليهم أعراض واضحة، خاصة بين الفئة العمرية 20-40 سنة.
البروفيسور هشام شروط، أحد المشاركين، حذّر من أن انخفاض شدة الأعراض في المتحورات الجديدة لا يعني زوال الخطر، خصوصا على الفئات الهشة مثل كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
طفرات تؤثر على فعالية اللقاحات
رصد الباحثون طفرات مثل E484K وN501Y، المعروفة بتقليل فعالية اللقاحات، وهي مشابهة لطفرات ظهرت في بلدان مثل البرازيل والهند وأدت إلى موجات وبائية قوية، مما يعزز الحاجة لتحديث اللقاحات بشكل مستمر.
توصيات لتعزيز الاستعداد المستقبلي
خلصت الدراسة إلى ثلاث توصيات رئيسية وهي إنشاء مراكز مراقبة جينومية دائمة في المطارات والموانئ لمتابعة دخول المتحورات الجديدة، تطوير منصات لقاحات مرنة قابلة للتحديث السريع، وتعزيز التعاون الإقليمي وتبادل البيانات الجينومية بين دول شمال إفريقيا، بدعم من منظمة الصحة العالمية.
وخلص الباحثون إلى أن المراقبة الجينومية أصبحت ضرورة علمية لحماية الصحة العامة، لا سيما في ظل تسارع وتيرة تحور الفيروسات، مؤكدين على أهمية الاستثمار في البحث العلمي الوطني لفهم خصوصيات تطور الأوبئة محليا.
وكالات



