
يعيش سكان عدد من الدواوير المجاورة لمدينة سيدي بوعثمان بإقليم الرحامنة، حالة من القلق والاستياء، على خلفية اكتشاف زراعة القمح الطري (الفرينة) باستخدام مياه عادمة غير معالجة، في ظروف تشكل تهديدا مباشرا لصحة المواطنين وسلامة السلسلة الغذائية، حسب ما ورد في شكاية تقدم بها مواطنون إلى باشا باشوية سيدي بوعثمان.
وتشير الشكاية التي وجهت للسلطات المحلية يوم 20 ماي 2025، والتي اطلعت عليها صحيفة “المراكشي”، أن أحد المزارعين بدوار الزيود بجماعة الجبيلات، يستغل مجرى للمياه العادمة المتدفقة من مدينة سيدي بوعثمان، من أجل سقي مساحة زراعية تقدر بستة هكتارات تقع بمحاذاة المنطقة اللوجستيكية للمكتب الوطني للسكك الحديدية وبالقرب من محطة توزيع إفريقيا.
و وفق المعطيات التي توصلت بها الصحيفة، فقد تفاعلت السلطات مع الشكاية حيث شكلت باشوية سيدي بوعثمان لجنة مختلطة مكوّنة من ممثلي السلطات المحلية، والجماعة الترابية، والدرك الملكي، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، ووكالة الحوض المائي لتانسيفت، انتقلت ميدانيا إلى موقع البقعة الزراعية موضوع الشكاية.
وبحسب نفس المعطيات، فقد وقفت اللجنة على وجود مساحة أرض مزروعة تقدّر بـ6 هكتارات، وهي جزء من عقار أوسع تصل مساحته إلى 140 هكتارا، يعتقد أن جزءا منه مملوك للمكتب الوطني للسكك الحديدية، كما عاينت اللجنة وجود مجرى مياه عادمة يخترق الأرض الزراعية المذكورة، كما تم ضبط أدوات ( عتلة + راطو) يشتبه استخدامها في توجيه مياه الصرف الصحي نحو الحقل المزروع، مع ملاحظة انطلاق عملية حصاد محصول القمح الطري ذي السنابل الكبيرة الحجم.
وخلال استجوابه، أقر المشتكى به بأنه قام فعلا بسقي القمح في بداية الموسم الفلاحي بمياه الواد الحار، قبل أن يتوقف عن ذلك بعد تساقط الأمطار، مدعيا أن المحصول موجه كعلف للماشية وليس للاستهلاك البشري، وهو ما اعتبرته اللجنة تبريرا غير مقنع، نظرا لغياب أي ضمانات تمنع تسويق هذا المحصول لاحقا في الأسواق دون معرفة مصدره، كما حدث سابقا مع نبات البقولة “الخبيزة” التي جرى بيعها في سوق الجملة بمراكش.
على إثر ذلك، وجهت اللجنة المختلطة تحذيرا مباشرا إلى المعني بالأمر، مع مطالبته بوقف فوري لأي نشاط زراعي يستخدم المياه العادمة، تحت طائلة إتلاف ما تبقى من المحصول واتخاذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وكذا المقتضيات البيئية.
كما تم اعتبار أن ما تبقى من محصول القمح محجوزا بشكل رسمي، في أفق إتلافه لاحقا، حماية للصحة العامة ومنعا لتسربه إلى الأسواق الاستهلاكية.
و وفق المعطيات التي توصلت بها صحيفة “المراكشي”، فإن دائرة المخاوف والقلق اتسعت رقعتها لاسيما بعد أن أكمل المعني بالأمر عملية الحصاد وشرع في “درس” المحصول استعدادا لبيعه، في الوقت الذي ظلت فيه توصيات اللجنة المختلطة مجرد حبر على ورق ولم يتم السهر على تنفيذها من طرف السلطات.

