المنارةمراكش

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تكشف “اختلالات” في برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة”

أصدر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمنارة مراكش، تقريرا يرصد ما وصفه بـ”الاختلالات البنيوية” التي شابت تنفيذ برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة”، الذي أتم الإعلان عنه سنة 2014 بكلفة تجاوزت 6.3 مليار درهم، دون تحقيق نتائج متناسبة مع الأثر المالي والمؤسساتي المعلن.

وأكد فرع الجمعية الحقوقية أن التقرير جاء بعد سنوات من التتبع الميداني، ورصد التأخرات، وتوثيق شكايات المواطنين، معتبرا أن المشروع تحول إلى نموذج لفشل التنمية المحلية، وسوء التدبير، وتبديد المال العام، في ظل غياب الشفافية والمحاسبة.

وسجل التقرير أن ما تحقق فعليا لا يتجاوز نسبة متواضعة من الوعود المعلنة، حيث تم إنجاز 12 مؤسسة تعليمية فقط من أصل 40، فيما لم يُنجز أي من المستشفيات أو المراكز الصحية المبرمجة، بينما ظل مستشفى المحاميد مغلقا لسنوات، كما توقفت مشاريع ثقافية وبيئية عديدة، من بينها الحديقة الكبرى وساحة مولاي الحسن ومركب الأشخاص في وضعية إعاقة.

وأشار التقرير إلى تفويتات عقارية مشبوهة، وتضارب مصالح بين الفاعلين، واستفادة شركات بعينها رغم فشلها في مشاريع سابقة، إلى جانب تضخيم في نسب الإنجاز الرسمية مقارنة بالواقع، كما كشف عن وقائع فساد مالي وإداري، منها محاولات رشوة لمفتشين ورفع معطيات مغلوطة للسلطات المركزية.

وانتقدت الجمعية غياب نظام للمراقبة، وتوظيف الأرقام بشكل دعائي، مشيرة إلى أن استمرارية المشروع بعد 2017 – رغم تجاوزه الأجل المحدد – لا تعني إلا استمرار الهدر الزمني والمؤسساتي، وغياب الحكامة، وفشل واضح في تحقيق العدالة المجالية.

وطالبت الجمعية بفتح تحقيق مستقل وشامل في مسار البرنامج، وتحديد المسؤوليات، واتخاذ تدابير تصحيحية عاجلة تنقذ ما تبقى من هذا المشروع الذي كان يفترض أن يكرس تحولا حضريا عميقا بمدينة مراكش، لكنه أضحى رمزا للفشل والفساد التنموي.

النص الكامل للتقرير كما توصلت به صحيفة “المراكشي”:

تقرير حول مشروع “مراكش حاضرة متجددة”
بين طموح التأهيل العمراني ومنطق الفساد البنيوي
تفكيك خروقات المال العام وغياب المساءلة وفق المرجعيات الدولية و القانونية

تقديم
تضع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش بين يدي الرأي العام هذا التقرير الحقوقي المركب حول مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة” الذي أعلن عنه سنة 2014 بميزانية تفوق 6.3 مليار درهم، على امتداد أكثر من عشر سنوات دون نتائج متناسبة مع الأثر المالي والمؤسساتي المعلن.

هذا التقرير جاء تتويجا لتراكمات من الرصد الميداني، تحليل المعطيات، تتبع أوراش الأشغال، توثيق شهادات المتضررين، ومساءلة الجهات المعنية عبر البيانات، البلاغات، الطلبات الرسمية، والوقفات الاحتجاجية، في ظل نهج السلطة لتغييب الرقابة، عرقلة الوصول إلى المعلومة، وتهميش الفاعل المدني.

الهدف من هذا التقرير ليس التقييم التقني للمشروع، بل فضح اختلالاته البنيوية، وكشف تناقضاته مع المنظومة القانونية والمرجعيات الحقوقية الدولية، وتسليط الضوء على تمظهرات الفساد المؤسسي وتبديد المال العام، وانتهاك الحق في المشاركة، في السكن، في الصحة، في التعليم، وفي البيئة، وفي العدالة المجالية.

المرجعيات المعتمدة
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
اتفاقية آرهوس حول الحق في المعلومة والمشاركة البيئية
اتفاقية اليونسكو لحماية التراث
الدستور المغربي: الفصول 1، 19، 27، 31، 36، 139
القانون 31.13 المتعلق بالحق في المعلومة
القانون 99.12 حول البيئة والتنمية المستدامة
القانون 25.90 الخاص بالتعمير
قانون الصفقات العمومية
القانون 10.03 الخاص بالولوجيات
القانون التنظيمي للجماعات الترابية

محاور التقرير:
الفصل 1: تفكك الشرعية الديمقراطية وتغييب المقاربة التشاركية
الفصل 2: مؤسسة العمران بين تضارب المصالح واحتكار التنفيذ
الفصل 3: الترميم المغشوش وتدمير الموروث المعماري للمدينة
الفصل 4: تبديد المال العام وغياب الأثر الاجتماعي والرقابي
الفصل 5: التفويتات العقارية خارج القانون وتغوّل المصالح الخاصة
الفصل 6: انهيار البنية الصحية والتعليمية وتعطيل الخدمات الأساسية
الفصل 7: انكسار المنظومة البيئية وإهمال الفضاءات العامة
الفصل 8: فشل النقل الحضري وتعطيل التنقل الجماعي
الفصل 9: حجب المعلومة وغياب المساءلة الإدارية والمؤسساتية
الفصل 10: القضاء بين الانتقائية وتباطؤ فتح الملفات الحقوقية
الفصل 11: المطالب المؤسساتية والحقوقية للتصحيح والمحاسبة

ملامح تقنية ومحاور مالية دقيقة
رصد للمشروع أزيد من 6.3 مليار درهم دون نشر التقارير المالية التفصيلية
المعلن: بناء 40 مؤسسة تعليمية، المنجز فعليا: 12 فقط، المتوقفة أو غير المنجزة: 28
المعلن: مستشفيان ومركزان صحيان، المنجز: صفر، المغلق: مستشفى سعادة، غير المجهز: مستشفى المحاميد
مشاريع الترميم شملت السور التاريخي، المدارس القرآنية، ساحة جامع الفنا، رياضات تقليدية، لكن تعرضت للانهيار أو التشويه
مشروع الحافلات الكهربائية توقف بعد أشهر من التشغيل رغم تخصيص ميزانية تفوق 100 مليون درهم
تفويت أرض محطة الطرق العزوزية لصالح شركة “AYA KECH GEST”
تفويت رياض تاريخي قرب قصر الباهية لصالح “دار زنيبر”
تفويت أرض في تاركة لشركة “تاركة العقارية”
تمكين شركة “البرلماني العقاري” من صفقات عديدة رغم سجلها في تعثرات مشاريع سابقة
هيكلة المشروع والميزانية

يتوزع المشروع على خمسة محاور رئيسية:
 تثمين الموروث الثقافي
الميزانية: 1 مليار درهم
يشمل ترميم الأسوار التاريخية، إحداث متاحف، تأهيل الزوايا والمدارس العتيقة
 تحسين التنقل الحضري
الميزانية: 1.2 مليار درهم
يشمل تهيئة الطرق، ترحيل المحطة الطرقية، تنظيم السير والجولان، إدخال الحافلات الكهربائية
 الاندماج الحضري
الميزانية: 2.25 مليار درهم
يشمل تأهيل الأحياء الهامشية، بناء مؤسسات تعليمية وصحية، فضاءات رياضية
 ترسيخ الحكامة الجيدة
الميزانية: 600 مليون درهم
يشمل رقمنة الإدارة، عقلنة تدبير الممتلكات الجماعية، تعزيز الشفافية
 المحافظة على البيئة
الميزانية: 1.26 مليار درهم
يشمل التطهير السائل، تأهيل المطرح العمومي، توسيع المساحات الخضراء

نسب الإنجاز الرسمية وتناقضاتها
عرف برنامج “مراكش حاضرة متجددة” تفاوتا كبيرا في التصريحات المتعلقة بنسب الإنجاز، حيث أعلنت مؤسسة العمران أن المشروع بلغ 98٪ في الممرين السياحي والروحي، و80٪ في تثمين المدينة العتيقة. في المقابل، صرحت وزيرة إعداد التراب الوطني ورئيسة المجلس الجماعي بأن الإنجاز تجاوز 67٪ في ظرف عامين فقط، مع تعبئة مالية تفوق 15 مليار درهم، وهي قيمة تفوق بكثير الغلاف المالي الأصلي.

هذه الأرقام الرسمية تتناقض بشكل صارخ مع الواقع الميداني، حيث لا تزال العديد من المشاريع متوقفة، والمرافق مغلقة، والأوراش لم تنطلق أساسا. على سبيل المثال، المسرح الملكي لم يشهد سوى ترميمات سطحية منذ انطلاق أشغاله في الثمانينات، ومدينة الفنون الشعبية ظلت في حالة ركود، وغابة الشباب لم تستكمل، وساحة مولاي الحسن ظلت مهملة دون تجهيز.

تقارير المفتشية العامة للمالية كشفت عن تضخيم واضح في نسب الإنجاز، ورفع معطيات مغلوطة إلى الجهات المركزية. التحقيقات أظهرت أن بعض المشاريع لم تتعد 50٪ رغم الإعلان الرسمي عن نسب تقارب 90٪، مع تسجيل محاولات رشوة لمفتشين وتورط مسؤولين ومقاولين في تضليل المؤسسات المعنية.

التناقضات الرقمية تعكس غياب تقييم موضوعي ومستقل، إلى جانب تعدد المتدخلين وتضارب المصالح، ما أدى إلى توظيف الأرقام بشكل دعائي يخدم أهدافا سياسوية أكثر من كونه تعبيرا عن الواقع التنموي.

تعتبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن نسبة إنجاز البرنامج أدنى من ذلك بكثير، خاصة إذا تم اعتماد مؤشرات دقيقة كالزمن، حيث كان من المفترض إنهاء البرنامج نهاية سنة 2017. وبناء عليه، فإن استمراره إلى اليوم مهما بلغت نسب الإنجاز الرسمية لا يمكن اعتباره سوى فشل تنموي، وهدر للزمن والمال العام، ومؤشر على غياب النجاعة وسوء التسيير في ظل غياب المحاسبة والمراقبة القبلية والبعدية.

كما يطرح البرنامج تساؤلات حول الشفافية، خاصة بعد واقعة تفويت بقعة أرضية في منطقة سيدي يوسف بن علي مخصصة لبناء ثانوية تأهيلية لأحد المنتخبين، قبل أن تتم استرجاعها عقب احتجاجات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، دون أن تتم محاسبة الجهات التي قامت بالتفويت.

من جهة أخرى، فإن اقتطاع نصف شارع الحسن الثاني وطريق الصويرة لفائدة الحافلات الكهربائية التي أطلقت بمناسبة مؤتمر “كوب 22″، ثم توقفت وعادت بشكل محدود، يعكس خللا في التخطيط والمحاسبة. كما أن انطلاق بعض الأشغال وتثبيت يافطات في عدة مواقع قبل أن تتوقف نهائيا، يعد مثالا صارخا لسوء التسيير وقد يكون مساسا مباشرا بالمال العام. و للتغطية على فشل المشروع يتم الخلط دون بيانات ولا توضيحات بين البرامج لتفادي المحاسبة والمساءلة

نماذج من الرصد الميداني

ما لم ينجز فعليا
رغم مرور أكثر من عقد على انطلاق البرنامج، لا تزال مجموعة من مكوناته الأساسية إما غير منجزة أو متعثرة، ما يعكس فجوة ملموسة بين الأهداف المعلنة والواقع العملي. ويمكن تلخيص أبرز مظاهر التعثر كما يلي:
مستشفى القرب بمنطقة المحاميد افتتح دون تجهيزات وظل مغلقا لسنوات.
من أصل خمس خزانات ثقافية مبرمجة للقرب، لم يتم إنجاز سوى واحدة.
إعدادية بحي أسكجور تحولت إلى فضاء عشوائي يستغل كسوق، بدل أن تؤدي وظيفتها التعليمية.
المركب الخاص بمحاربة الإدمان بحي الملاح لم ينجز، كما بقي المركب المخصص للأشخاص في وضعية إعاقة مغلقا دون تشغيل فعلي.
إعادة هيكلة 27 دوارا لم تشمل الشروط الكافية للسكن اللائق أو توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، حيث اقتصر التدخل على تأهيل جزئي.
النقل الحضري صار في وضع لا يرقى إلى تطلعات الساكنة، بل وصل إلى مستويات غير مقبولة من حيث الجودة والكرامة.
تجربة الحافلات الكهربائية فشلت، بعد أن تسببت في تعطيل محور طرقي هام دون تعويض فعال أو بديل.
مشروع إعادة هيكلة فضاء جنان باحماد لم ينفذ.
الأشغال المتعلقة بتشييد الحديقة الكبرى المجاورة لسوق الخميس توقفت دون مبررات واضحة.
لم يتم إنجاز المدارات الطرقية المقررة، وهو ما ساهم في استمرار اختناق حركة السير داخل المدينة.
تم اعتماد سقوف خشبية في عدد من الأسواق والمحلات دون وجود دعامات هندسية كافية، مما أدى إلى انهيارات متفرقة، خاصة في أسواق السمارين وساحة جامع الفنا.
استمرار تعثر بناء المؤسسات التعليمية المبرمجة تحت ذريعة مشاكل عقارية، دون تقديم بدائل عملية.
أشغال تهيئة ساحة جامع الفنا لم تنطلق سوى مع منتصف سنة 2025، وسط احتجاجات وتحفظات عدد من المستفيدين من الفضاء. و دليل بارز على فشل المشروع.
في قطاع الصحة، تم التعهد ببناء مستشفيين ومركزين صحيين، لكن لم ينجز سوى مستشفى واحد دون تجهيز كاف.
لم يتم إنشاء نظام معلوماتي حديث لتنظيم السير والجولان، رغم التنصيص عليه ضمن مكونات البرنامج.
على مستوى الفئات في وضعية هشاشة، لم يظهر أي أثر فعلي لتحسين الولوجيات الخاصة بالأشخاص المعاقين، رغم تضمين ذلك في أهداف المشروع.
النافورة الراقصة بساحة القزادرية بقيت حبيسة التصاميم والدعاية، دون إنجاز ميداني رغم المجسمات المنشورة.
مشروع دار المسنين لم يتم إنشاؤه أو تخصيصه بأي شكل.
ملاعب القرب بحي الملاح تحولت من ملاعب معشوشبة إلى فضاءات إسمنتية، بما يفقدها وظيفتها الاجتماعية والرياضية.
القطب الجامعي بتامنصورت لم ينفذ رغم تعهدات رسمية سابقة، وتصريحات رئيس جامعة القاضي عياض السابق الذي أعلن عن إنجاز الدراسات التقنية والتصاميم، وكان قد أكد بداية الأشغال سنة 2018 وربط المنطقة بشبكة نقل حديثة، وهو ما لم يتحقق في الواقع.

نماذج من المنجز الذي لم يحترم المعايير
أجزاء من السور التاريخي تعرضت لتشويه جمالي ومعماري، عبر ترقيعات غير مناسبة باستخدام مواد كالبلاستيك والأتربة.
ترميم الأسوار التاريخية تم باستخدام الخرسانة المسلحة والإسمنت، مما شوه المعالم الأصلية وأدى إلى انهيارات متكررة
ترميم قبة قبور السعديين كلف مؤسسة العمران 600 مليون سنتيم، بينما وزارة الثقافة أنجزتها بـ150 مليون فقط
مدرسة ابن يوسف العتيقة رممت دون إشراف خبراء مختصين، وبعمال غير مؤهلين، في غياب تام للمعايير الأثرية
تسقيف سور سوق السمارين انهار فور انتهاء الأشغال، مما يكشف هشاشة الإنجاز
تهيئة فضاءات سياحية بشكل ارتجالي شوه الخصوصية المعمارية، مثل باب الخميس وسوق السمارين
استمرار البناء العشوائي على جنبات السور التاريخي، دون تحرير المساحات أو تعويض السكن
بناء محطة طرقية في منطقة العزوزية بكلفة تفوق 12 مليار سنتيم، رغم رفض المهنيين المعنيين بالقطاع الانتقال إليها.تسجيل تضخيم غير مبرر في كلفة ترميم معالم تاريخية مهمة، على رأسها القبة السعدية والقبة المرابطية، دون توفر مبررات تقنية دقيقة.

مواقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش
هل العدالة تنتقي أصحاب الملفات؟
حين تحفظ الملفات بسبب مصدرها لا مضمونها… من يحدد قيمة الحقيقة؟

منذ سنة 2017 والجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش دأبت على تتبع الاختلالات المرتبطة بمشاريع التأهيل الحضري، وعلى رأسها برنامج مراكش حاضرة متجددة الذي انطلق رسميا سنة 2014 بميزانية تناهز 6,3 مليار درهم، وحددت له آجال تنفيذ تنتهي سنة 2017، دون أن تستكمل الأشغال حتى منتصف 2025.

في قلب هذا البرنامج تبرز مؤسسة العمران بصفتها المتدخل الرئيسي، المكلفة بالإشراف، التتبع، الإنجاز، وإعداد الدراسات والتصاميم. ورغم تعدد المتدخلين الرسميين في البرنامج، فإن العمران تعد الجهة المحورية، بالنظر إلى طبيعة المشاريع التي تم تفويضها إليها، خاصة ما يتعلق بإعادة الهيكلة، مشاريع السكن، تجهيز الدواوير، والتأهيل الحضري داخل المجال القروي والحضري لمراكش وتامنصورت.

فرع الجمعية بالمنارة حرص طيلة سنوات على تقديم تقارير دورية، بلاغات مفصلة، وشكايات رسمية تتضمن وقائع دقيقة حول تعثر الأشغال، سوء الإنجاز، تفويتات مشبوهة لعقارات مملوكة للدولة، خرق الاتفاقيات المتعلقة بالسكن الاجتماعي، والتغاضي عن التزامات قانونية من طرف منعشين عقاريين. غير أن هذه الشكايات ورغم جديتها ظلت تواجه في الغالب بالحفظ، أو عدم التحرك إلا بعد تدخل جهات أخرى.

لقد سجل الفرع في بياناته وبلاغاته المتكررة أن مؤسسة العمران تعاني من غياب الحكامة في التسيير، وضعف آليات المراقبة الداخلية، إلى جانب التساهل في استخلاص المستحقات المالية من الشركاء العقاريين. واعتبر أن بعض الصفقات والعقود شابتها شبهة المحاباة، وأن بعض العقارات فوتت بأثمنة تفضيلية تقل كثيرا عن القيمة الحقيقية للوعاء العقاري.

ومن أبرز الأمثلة التي ركزت عليها الجمعية قضية تفويت بقعة أرضية سنة 2018 بمنطقة المسيرة بمراكش بثمن 31 مليون درهم، تسلمت منها مؤسسة العمران فقط 3 ملايين، بينما ظل 28 مليون درهم في ذمة المقاول حتى منتصف سنة 2025. هذا المقاول باع فعليا 220 شقة، واستحوذ على عائدات تفوق قيمة 700 شقة دون أن ينجزها أو يسلمها، منها الشقق الموجهة لفئة السكن الاجتماعي المنخفض التكلفة.

كما وثقت الجمعية اختلالات خطيرة في مشروع إعادة هيكلة 27 دوارا، وهو المشروع الذي رصدت له ميزانية ضخمة لكنه فشل في تحقيق أهدافه رغم مرور أكثر من 8 سنوات على إطلاقه، بينما ظلت الأحياء المعنية تفتقر لأدنى شروط الحياة الحضرية، من شبكة الطرق والصرف الصحي إلى الربط الكهربائي والتجهيزات الأساسية.

ضمن هذا المسار النضالي، قام فرع الجمعية بتقديم شكايات رسمية، من بينها شكاية وضعت لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 15 أبريل 2022، وتهم تفويتات غير قانونية للأراضي بمراكش وتامنصورت من طرف مؤسسة العمران. وقد تم الاستماع للرفيق عمر أربيب بصفته نائب رئيس الجمعية أمام الفرقة الجهوية للجرائم المالية يوم الأربعاء 6 يوليوز 2022، حيث سرد بالتفصيل وقائع الخروقات الموثقة في شكاية الفرع، ومنها ثمن البيع المنخفض غير المتناسب، عدم احترام دفتر التحملات، وعدم سداد مبالغ البيع رغم مرور سنوات على توقيع الصفقة.

وفي سياق آخر، استمع أيضا للرفيق صابر العضراوي بناء على شكاية تتعلق بشبهات فساد في مشروع إعادة هيكلة 27 دوارا، وتم توثيق تجاوزات وتقصير من طرف العمران في إنجاز المشروع رغم الميزانية المخصصة له والتي تبلغ ما يقارب 77 مليار سنتيم. غير أن الملف حفظ كذلك، دون تعليل قانوني واضح رغم جسامة الاختلالات الواردة فيه.

هذان الاستماعان يشكلان دليلين ملموسين على الجدية الحقوقية والتوثيق المسؤول الذي اعتمدته الجمعية، لكن طريقة التعاطي الرسمية مع الملفات تطرح علامات استفهام حول استقلالية القرار القضائي، ومدى الالتزام بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

فصول التقرير

الفصل الأول: تفكك الشرعية الديمقراطية وتغييب المقاربة التشاركية

منذ الإعلان عن مشروع مراكش الحاضرة المتجددة سنة 2014، تم تسجيل غياب تام لأي مسار ديمقراطي تشاركي في التخطيط أو التنفيذ. المشروع نزل من فوق، دون عرض على المجالس المنتخبة، ودون فتح جلسات استماع للساكنة أو إشراك الفاعلين المدنيين والمهنيين. هذا الإقصاء يشكل خرقا مباشرا للفصل 139 من الدستور المغربي الذي ينص على إشراك المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد وتتبع وتقييم السياسات العمومية.

لم تنشر أي دراسة جدوى، ولم تعرض تفاصيل المشروع على العموم، ولم تفتح أي منصة للتفاعل أو التقييم، مما يناقض أيضا مقتضيات اتفاقية آرهوس الدولية التي تلزم الدول بتمكين المواطنين من المشاركة البيئية والمجالية في المشاريع الكبرى.
السلطات المحلية ظلت في موقع المنفذ الصامت، بينما احتكرت مؤسسة العمران ومكاتب الدراسات القرار الهندسي والمالي، دون أي مساءلة أو رقابة مؤسساتية. هذا النموذج يكرس تغول القرار المركزي، ويفرغ الجماعات الترابية من صلاحياتها، ويضعف مبدأ التدبير الحر.

الغياب التام للمقاربة التشاركية لا يعد فقط خللا إداريا، بل يمثل انتهاكا لحق دستوري أصيل، ويضعف مشروعية المشروع، ويحوله من ورش تنموي إلى عملية فوقية لا تستند إلى أي تعاقد اجتماعي أو مؤسساتي.

الفصل الثاني: مؤسسة العمران بين تضارب المصالح واحتكار التنفيذ

تعد مؤسسة العمران الطرف التنفيذي الرئيسي في مشروع مراكش الحاضرة المتجددة، بعد أن تم إسناد الصفقات الكبرى إليها دون إجراء منافسة مفتوحة أو الاستناد إلى المعايير التقنية المطلوبة في المشاريع الترابية المهيكلة. هذا التفويض غير المؤطر رقابيا يعكس مشهدا من الاحتكار في التدبير، واحتكار في القرار، وتضارب في المصالح بين من يخطط ومن ينفذ.

رفعت مؤسسة العمران تقارير متكررة إلى الجهات المركزية تظهر نسب إنجاز تصل إلى 98%، بينما تشير التقارير الرقابية الداخلية إلى أن النسبة الحقيقية لم تتجاوز 60% في معظم المحاور، خاصة الترميم والتأهيل في المدينة العتيقة، والأحياء الهامشية، والمرافق البيئية.

تم تسجيل محاولات رشوة مباشرة لمفتش مالي أثناء قيامه بالمراقبة الميدانية لأشغال أحد الورش، مما أدى إلى سحب جواز سفر المدير الجهوي للعمران، وتوقيفه احترازيا في انتظار نتائج التحقيقات. إلا أن المتابعة القضائية تعثرت لأسباب غير مبررة، وواصلت المؤسسة عملها وكأن لا شيء حدث، بل تم تمديد بعض عقود المقاولات المتورطة، مما يعزز فرضية التواطؤ المؤسساتي والهيمنة على القرار المالي.

لا توجد تقارير منشورة تفصل طبيعة الصفقات، أسماء المقاولات التي استفادت من الأشغال، ولا المعايير التقنية لاختيار مكاتب الدراسات. غابت دفاتر التحملات، وامتنعت المؤسسة عن الإجابة عن طلبات المعلومة الرسمية التي تقدمت بها الجمعية، ما يعد خرقا واضحا لمقتضيات القانون المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومات، وللفصل 27 من الدستور المغربي.

احتكار مؤسسة واحدة لكل مراحل المشروع بدون منافسة فعلية ولا مراقبة مستقلة يشكل تناقضا مع مبادئ الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، ويضعف مصداقية أي إنجاز على الأرض، لأنه مبني على طمس المعطيات، وتغول القرار، وتضارب المصالح بشكل ممنهج ومفصل.

الفصل الثالث: الترميم المغشوش وتدمير الموروث المعماري للمدينة

أحد أكبر مزاعم مشروع مراكش الحاضرة المتجددة كان حماية التراث وتأهيل المعالم التاريخية، خاصة السور القديم للمدينة، الساحات والمباني ذات الرمزية الثقافية. لكن الملاحظات الميدانية والمعلومات التقنية التي رصدتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تكشف عن خروقات جسيمة في التصاميم، المواد المستعملة، ومعايير التنفيذ.

تم استعمال الخرسانة المسلحة في ترميم أجزاء من السور التاريخي، خصوصا في باب دكالة وباب الخميس، وهي مادة غير متجانسة مع البنية الأصلية للسور التي تعتمد على الطين والجير والحجر التقليدي. أدى هذا التدخل إلى ظهور تصدعات وانهيارات بعد أول ارتجاج أرضي، فالترميمات تهاوت وبقاء الأصل الممتد عبر التاريخ و هودليل قاطع ضعف الترميم و افتقاده للكفاءة (و سيادة ثقافة البريكولاج) وعدم ملاءمته لخصائص البناء العتيق. هذا التناقض لا يمس فقط الجانب التقني، بل يعد انتهاكا صريحا لاتفاقية اليونسكو لحماية التراث، التي تلزم الدول باحترام المواد الأصلية والمعايير المعتمدة في الحفاظ على المعالم المصنفة تراثا عالميا.

لم يتم إشراك المعهد الوطني لعلوم التراث ولا خبراء في التاريخ المعماري خلال إعداد التصاميم، وتم تفويت الصفقات إلى مكاتب دراسات غير متخصصة، على رأسها “أركي تيك كونسيل”، التي أنجزت دراسات دون أي خلفية علمية موثقة في مجال التراث. الجمعية وثقت أيضا عدم احترام المسافات القانونية للبناء قرب السور، حيث ظهرت بنايات حديثة تلاصقه في أحياء سيدي أيوب والقصبة، بل تم تسجيل عمليات بناء فوق السور نفسه في بعض النقاط دون تدخل من السلطات الترابية.

بعض المدارس القرآنية المرممة، مثل مدرسة ابن يوسف، تعرضت لتغيير في هندستها الداخلية، دون احترام الطابع المعماري الأصلي. كما أدرجت رياضات تقليدية في البرنامج لتحويلها إلى فضاءات سياحية، لكنها انتهت كمطاعم أو مقاهي خاصة، ما يخل بالوظيفة الثقافية الأصلية للمرفق، ويكرس تحويل التراث العام إلى خدمة الربح الخاص.

الترميم في هذا المشروع لم يكن أداة لحماية التاريخ، بل وسيلة لتجميل الواجهة وفتح المجال أمام المضاربات العقارية، في غياب الرؤية التوثيقية، واحترام المرجعية المعمارية، والالتزام بأخلاقيات الصيانة الحضرية. الجمعية تعتبر أن هذا الجزء من المشروع يشكل اغتيالا منهجيا لذاكرة المدينة، وتفكيكا للمعنى الرمزي لأماكن كانت شاهدة على التاريخ المشترك للمدينة.

الفصل الرابع: تبديد المال العام وغياب الأثر الاجتماعي والرقابي

بلغت الميزانية المخصصة لمشروع مراكش الحاضرة المتجددة أكثر من 6.3 مليار درهم، وزعت كما تمت الإشارة إليه على محاور متعددة تشمل التهيئة العمرانية، النقل، البيئة، الترميم، والمرافق الاجتماعية. لكن رغم ضخامة هذا الغلاف المالي، فإن الأثر الاجتماعي للمشروع بقي ضعيفا، ومحدودا في مظاهره، ولم يترجم على الأرض بما يتناسب مع حجم الإنفاق الذي تم رصده.

المؤشرات الميدانية تظهر تعطل مشاريع في الأحياء الهامشية، مثل دوار سيدي امبارك ودوار الكرعة، حيث لم تنجز بنيات الصرف الصحي، ولا شبكات الماء والكهرباء، رغم إدراجها في مراحل الأشغال، إضافة إلى كون إعادة التأهيل بالزرايب والفخارة جاءت مشوهة.كما أن المشاريع المنجزة داخل المدينة العتيقة، كتأهيل الأزقة والواجهات، جاءت منقوصة، واكتفت بتجديد البنية السطحية دون تدخل في الأساسات أو البنيات التحتية، ما يجعل هذه الأشغال تجميلية أكثر منها وظيفية.

تم رصد توقف مشروع الحافلات الكهربائية بعد أشهر من تشغيله، رغم صرف ميزانية تفوق 100 مليون درهم، دون نشر أي تقرير لتوضيح أسباب التعثر، أو مآل الأجهزة والمركبات المستعملة، أو الجهة المسؤولة عن الصيانة والرقابة.

المحطة الطرقية الجديدة بمنطقة العزوزية انتهت أشغالها، لكن ظلت مغلقة منذ سنتين، ولا تستوفي شروط السلامة ولا المعايير التقنية المطلوبة، في حين أن الميزانية المعلنة تجاوزت 12 مليار سنتيم. لم يفتح أي تحقيق، ولم تنشر وثائق التسليم، ولا المعايير المعتمدة في اختيار المقاولة المكلفة.

مجموع هذه الوقائع تظهر بوضوح أن المال العام لم يصرف وفقا لمنطق الحاجيات الاجتماعية، بل حسب منطق الصفقات والمصالح، دون تفعيل أي رقابة داخلية أو خارجية، سواء من المجلس الجماعي أو من الأجهزة المالية الرسمية. هذا التبديد يشكل خرقا صارخا للفصل 36 من الدستور المغربي، وللاتفاقيات الدولية المتعلقة بمحاربة الفساد وتبديد الأموال العمومية.
الشفافية غائبة، والآثار الاجتماعية محدودة، والمحاسبة متوقفة، والمشروع ظل يدار بأدوات مغلقة لا تخضع لأي تقويم عمومي، ما يجعل صرف هذه الميزانية يدخل ضمن دائرة التساؤل القانوني والحقوقي، ويستوجب تدقيقا إداريا وماليا عاجلا، وترتيب المسؤوليات عن كل درهم أنفق خارج الرقابة.

الفصل الخامس: التفويتات العقارية خارج القانون وتغول المصالح الخاصة
أحد المظاهر الأكثر فجاجة في مشروع مراكش الحاضرة المتجددة هو توظيف العقار العمومي في خدمة المصالح الخاصة، عبر تفويتات تمت خارج الضوابط القانونية والمؤسساتية. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان رصدت مجموعة من الحالات التي تشكل خروقات صريحة للفصل 36 من الدستور المغربي، وللقانون التنظيمي للجماعات، وللمبادئ الدولية المتعلقة بمحاربة الفساد وتضارب المصالح.

أبرز التفويتات تشمل:
تفويت أكثر من 7500 متر مربع قرب المحطة الطرقية الجديدة بالعزوزية لفائدة شركة حديثة التأسيس “AYA KECH GEST”، لإنشاء محطة وقود، فندق، ومركز تجاري. عملية التفويت تمت دون عرض علني أو منافسة، وتم تغيير تصميم المشروع ثلاث مرات بشكل يوسّع مجال الاستغلال لصالح الشركة.

تحويل عقار مخصص لبناء ثانوية تأهيلية في حي سيدي يوسف إلى مشروع خاص تديره شركة محروقات، رغم أن التصميم الأصلي كان مدمجًا ضمن خارطة المرافق التربوية المبرمجة.

تفويت رياض تاريخي قرب قصر الباهية لشركة “دار زنيبر” التي حولته إلى مطعم فخم، رغم أنه كان مدرجا كمرفق ثقافي سياحي لصالح الجماعة.

تفويت عقار في منطقة تاركة لفائدة شركة “تاركة العقارية”، في صفقة فرض فيها ثمن تفضيلي لا يتجاوز 620 درهم للمتر المربع، رغم التقييم العقاري الرسمي الذي يحدد قيمة أعلى بكثير.

منح عقارات أخرى كانت مخصصة للبنية الفلاحية في أيت أورير لتجزئة سكنية خاصة عبر شركات مرتبطة بمنتخبين محليين، ما يشير إلى استعمال النفوذ والقرار الترابي لأغراض شخصية.

كل هذه العمليات شابتها غياب المسطرة القانونية، وتغيب فيها مبدأ المنافسة، ولم تنشر في المنصات الرسمية للصفقات العقارية، ولم تُعرض على المجلس الجماعي للمصادقة، مما يجعلها تدخل في خانة التفويتات غير المشروعة.

الجمعية تؤكد أن هذه الممارسات تكرس تغول المصالح الخاصة على حساب المنفعة العامة، وتفرغ المفهوم الترابي من محتواه الديمقراطي، وتجهض فكرة المدينة كفضاء مشترك، وتحولها إلى امتداد لمقاولات الريع السياسي والاقتصادي.

الفصل السادس: انهيار البنية الصحية والتعليمية وتعطيل الخدمات الأساسية

من بين الأهداف المعلنة لمشروع مراكش الحاضرة المتجددة تحسين خدمات الصحة والتعليم عبر بناء مؤسسات جديدة وتأهيل المرافق القائمة. إلا أن المعطيات التي رصدتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش تكشف عن نتائج كارثية وتخلف بنيوي خطير في هذين القطاعين الحيويين.

القطاع الصحي
رصدت ميزانيات مخصصة لبناء مستشفيين ومركزين صحيين، لكن لم ينجز أي منها. الأكثر إثارة للقلق هو إغلاق مستشفى سعادة للأمراض العقلية، الذي يعد الوحيد في الجهة المختص في هذا المجال، ما ترك عشرات الحالات دون متابعة أو علاج. عملية الإغلاق تمت دون إعلان رسمي، ودون توفير بديل، وتم تفريغ الطاقم الطبي بشكل انتقامي تحت غطاء إداري غير شفاف.
في مستشفى بن تاشفين، تم سحب خدمات الجراحة العامة وتحويل المرضى إلى مؤسسات أخرى، ما سبب ضغطا إضافيا على المراكز الصحية الأخرى التي تفتقر للتجهيزات. كما تم تسجيل تنقيل أكثر من خمسين موظفا في القطاع الصحي دون احترام المساطر الداخلية للحركة الانتقالية أو مبرر واضح. تم توثيق اضطراب في الخدمات الصحية في مركز الفتح، مستوصف الإنارة، ومركز سيدي يوسف، حيث تغيب التخصصات وتقل المعدات الأساسية.
هذه الوقائع تناقض الفصل 31 من الدستور المغربي، الذي يضمن الحق في العلاج والوصول إلى الخدمات الصحية، وتشكل انتهاكا لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي تنص على ضمان الولوج المنصف إلى العلاج والوقاية، خاصة في المناطق الهشة.

القطاع التعليمي

تم الإعلان ضمن المشروع عن بناء أربعين مؤسسة تعليمية جديدة، موزعة على المناطق الهامشية كدوار الكرعة، الفضل، سيدي يوسف، والمسيرة. لكن ما تم إنجازه فعليا لا يتجاوز اثنتي عشرة مؤسسة، بينها أربع مؤسسات لا تزال غير مجهزة ولا متصلة بشبكة الماء أو الكهرباء. أما الثمانية والعشرون مؤسسة المبرمجة، فقد تم تجميد ملفاتها أو تحويل ميزانياتها لمشاريع أخرى غير معلنة، دون تبرير أو تواصل مع الجهات المنتخبة.
المدارس التي خضعت للتأهيل تعاني من غياب التجهيز الرقمي، نقص في الطاولات والكتب، ضعف في المرافق الصحية، وانعدام فضاءات الرياضة والترفيه. الاكتظاظ يزداد في الحجرات، والتوزيع المجالي غير متوازن، ما يجعل التعليم في هذه الأحياء خارج الجودة المطلوبة، ويُعمّق الفجوة المعرفية بين المركز والمحيط.
هذه الأعطاب تخالف بشكل مباشر الالتزامات الدولية للمغرب في مجال التعليم للجميع، وخرقا للفصل 31 من الدستور، ولمبدأ العدالة المجالية المنصوص عليه في السياسات الترابية، وتدعو إلى مراجعة شاملة لتدبير هذا المحور من المشروع.

الفصل السابع: انكسار المنظومة البيئية وإهمال الفضاءات العامة

البيئة الحضرية لمدينة مراكش كانت ضمن المحاور الأساسية لمشروع مراكش الحاضرة المتجددة، حيث تم الإعلان عن تأهيل حدائق، إنشاء مشتل وغابة حضرية، ومعالجة المطرح العمومي القديم، لكن النتائج الميدانية جاءت عكس التصريحات الرسمية، وأفرزت مشهدًا من التدهور المتواصل والفراغ البيئي في قلب المدينة.

الحدائق والفضاءات المهملة
حديقة باب الخميس: مغلقة منذ سنوات، تعرضت لإهمال ممنهج، وتحولت إلى فضاء غير مهيأ، تتراكم فيه النفايات، وتستعمل بشكل عشوائي دون تدخل من المصالح المختصة.
حديقة حي المسيرة: تعرضت لتلف مساحاتها العشبية، غابت عنها الصيانة، وتستعمل كموقف سيارات دون تأطير.
حديقة سيدي يوسف بن علي: رغم إنهاء أشغال التأهيل، لم تفتح للعموم، وبقيت خارج الخدمة.
حديقة الحي الحسني: فوتت في صفقة غير علنية لأغراض تجارية بدل تخصيصها كمرفق عمومي أخضر.
غياب خطة الصيانة والتأهيل البيئي يؤكد أن المشروع لم يُبنَ على رؤية مستدامة، وإنما على أهداف تجميلية سطحية. لم يتم نشر أي دراسة بيئية، ولا تقييم لواقع التلوث، ولم تُفعّل مبادئ القانون الإطار المتعلق بالبيئة، خاصة في جوانب التوازن المجالي والعدالة الإيكولوجية.
المطرح العمومي القديم
المطرح الواقع في منطقة سيدي غانم لم تتم معالجته كما أعلن سابقا، واستمر في إطلاق روائح كريهة، وانبعاثات سامة تؤثر على سكان الأحياء المجاورة، منها دوار الظلام وحي العنبر. الجمعية وثقت حالات مرضية في صفوف الأطفال بسبب التلوث الهوائي، دون أي رد رسمي.

الغابة الحضرية والمشتل
تم الإعلان عن إنشاء غابة حضرية في منطقة العزوزية ومشتل بيئي تعليمي قرب طريق أوريكا، لكن لا وجود فعلي لهما، ولم تخصص أية لوحات تعريفية أو أشغال معلنة. ما تم تسجيله هو مجرد تسييج لبعض الأراضي، دون تجهيزات أو مرافق، مما يرجح أن هذه المشاريع لم تتجاوز مرحلة الورق.

هذه الأعطاب تشكل إخلالا بالفصل 31 من الدستور المغربي الذي ينص على ضمان الحق في بيئة سليمة، كما تخالف مبادئ الميثاق الوطني للبيئة، وتجهض فكرة التنمية المستدامة التي يفترض أن تشكل إحدى ركائز المشروع.

الفصل الثامن: فشل النقل الحضري وتعطيل التنقل الجماعي

كان من بين أهداف مشروع مراكش الحاضرة المتجددة تطوير النقل الحضري، عبر اقتناء حافلات كهربائية، ترحيل المحطة الطرقية، وإنشاء ممرات ذكية داخل المدينة العتيقة ومحيطها. لكن الواقع الميداني يُظهر فشلًا منهجيًا في هذا المحور، تُرجم إلى اختناق مروري يومي، وتعطل في الخدمة، ومظاهر تسيب عمراني غير مقنن.

الحافلات الكهربائية
تم الترويج لتجربة الحافلات الكهربائية باعتبارها نقلة نوعية في التنقل الحضري، حيث خصصت ميزانية فاقت 100 مليون درهم لاقتناء حوالي 50 حافلة وتشغيلها عبر مسارات محددة. لكن فعليًا، لم تُشغّل إلا ست حافلات، توقفت جميعها عن العمل في أقل من خمسة أشهر، دون إعلان رسمي أو توضيح للجهات المختصة.

الاختلالات شملت:
غياب محطات شحن متكاملة وتوزيع غير متوازن للمسارات
الأعطاب التقنية دون فرق للصيانة أو قطع غيار
عدم تكوين السائقين، ما أدى إلى حوادث متكررة
غياب إشارات المرور المخصصة للمركبات الكهربائية
تمت إعادة الحافلات إلى المستودعات، دون بلاغ رسمي، ولا تقرير مالي يشرح مصير المشروع، ولا توضيح حول الجهة المسؤولة عن هذا التوقف، مما يعزز فرضية الغموض المالي والتقني في هذا الملف.

المحطة الطرقية
المحطة الطرقية الجديدة بالعزوزية انتهت أشغالها بالكامل، لكنها لم تُفتح حتى الآن، وظلت مغلقة لأزيد من سنتين، في غياب بلاغات رسمية، رغم أن المشروع خُصّص له غلاف مالي يزيد عن 12 مليار سنتيم. تم تفويت جزء من الأرض المحاذية للمحطة لشركة خاصة لإنشاء محطة وقود ومركز تجاري، مما يُثير تساؤلات حول تغيير وظيفة المرفق العمومي وتوظيفه لأغراض اقتصادية خاصة.

الطرق والممرات
الشوارع الحيوية مثل طريق القناصلة، شارع الحسن الثاني، زنقة البوصيري، وزنقة بن يوسف، تعرف يوميا اختناقا مروريا، بسبب غياب التنظيم، وغياب ممرات مخصصة للحافلات والدراجات الهوائية، وعدم صيانة إشارات المرور. كما أن الأرصفة الجديدة لا تحترم المعايير التقنية للولوجيات، ما يُعيق تنقل الأشخاص ذوي الإعاقة، ويُخالف القانون المتعلق بالولوجيات.
المدينة العتيقة تعاني من فوضى في تنقل الدراجات النارية، وانتشار النقل السري، دون تدخل من السلطات لتنظيم المجال، رغم أنها تُعد فضاءً سياحيا عالميا، يفترض أن يدار بمنطق الجودة والتوازن الحضري.
هذا الفشل في النقل لا يُعد مجرد خلل وظيفي، بل يُمثل انهيارا في الرؤية العامة للتنقل، ويضعف كل ما يعلن في السياسات الترابية حول التحول الطاقي، العدالة الحضرية، وحق المواطنين في تنقل آمن ومنظم.

الفصل التاسع: حجب المعلومة وغياب المساءلة الإدارية والمؤسساتية

الحق في المعلومة يعد حجر الأساس في أي نظام ديمقراطي وفي أي مشروع تنموي يراعي حقوق الإنسان. لكن تجربة مراكش الحاضرة المتجددة أبانت عن تهميش ممنهج لهذا الحق، عبر الامتناع عن نشر المعطيات، حجب تفاصيل الصفقات، رفض تقديم المعلومات المتعلقة بالأشغال، وتغييب أي تواصل مؤسسي مع المواطنات والمواطنين.

طلبات غير مجابة
تقدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش بطلبات رسمية للحصول على:
تفاصيل الميزانيات المرصودة لكل محور من المشروع
لوائح الشركات والمقاولات التي استفادت من صفقات الترميم والبناء
أسماء مكاتب الدراسات ومكاتب المراقبة التقنية
نسب الإنجاز في المؤسسات التعليمية والصحية
تقارير التسليم المؤقت والنهائي للأوراش
لكن جميع هذه الطلبات قوبلت إما بالصمت أو بالرفض الضمني، ما يُشكل انتهاكا مباشرا للفصل 27 من الدستور المغربي الذي يضمن الحق في الحصول على المعلومات، وانتهاكا لمقتضيات القانون رقم 31.13 الذي ينص على إلزام الإدارات والجهات العمومية بتمكين المواطنين من المعطيات غير المصنفة سرية.

غياب آليات المحاسبة
رغم توثيق الجمعية لاختلالات جسيمة في الأشغال، الترميم، وتبديد المال العام، لم تفتح أية لجان تحقيق مستقلة، ولم يفعل دور المجلس الجهوي للحسابات ولا المجلس الأعلى للحسابات في التدقيق المالي، ولم تطرح أسئلة مساءلة داخل المجالس المنتخبة، ولم توفر أي مؤسسة رقابية تقريرا دوريا حول المشروع.
هذا الغياب يفرغ منظومة المحاسبة من محتواها، ويُكرّس الإفلات من المسؤولية، ويعزز منطق التسيير المغلق الذي لا يعترف بالشفافية ولا بالرقابة المواطنة. كما أن تجاهل المطالب الحقوقية بالمتابعة يعد استهتارا بالتزامات المغرب في الاتفاقيات الدولية، ورفضا للإصلاح المؤسسي الحقيقي.

تغييب الرأي العام
الرأي العام لم يطلع على أهداف المشروع، ولا على عراقيله، ولا على نسب الإنجاز الفعلية، وتم الاكتفاء بتصريحات إعلامية بروتوكولية تهلل لما تم “تحقيقه” دون أن تُفصح عما تعثر أو تراجع. حتى الإعلام المحلي ظل حبيس بيانات رسمية، ولم يتح له الوصول إلى الملفات التفصيلية، ما أضعف قدرته على التحقيق والتقصي.
في هذا السياق، تؤكد الجمعية أن تعطيل الحق في المعلومة لا يعد فقط فشلا إداريا، بل يعتبر انتهاكا ممنهجا لحق أساسي في الرقابة الشعبية، ويجهض مبدأ مساءلة من يتصرف في المال العمومي، ويعزز الصورة السلطوية للمشاريع التي تنفذ خارج الشفافية والديمقراطية التشاركية.

الفصل العاشر: القضاء بين الانتقائية وتباطؤ فتح الملفات الحقوقية

تعامل القضاء مع مشروع مراكش الحاضرة المتجددة أظهر تباينا واضحا في المنهجية والتفاعل، خاصة حين يتعلق الأمر بالملفات التي تثار من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أو فعاليات مدنية مستقلة، مقارنة بتلك التي تطرح من جهات رسمية أو مؤسسات عمومية نافذة.

رغم أن الجمعية راسلت مرارا النيابة العامة، ووجّهت طلبات فتح تحقيقات في ملفات محددة، من قبيل انهيار منازل داخل المدينة العتيقة، التفويتات العقارية المشبوهة، تعثر المشاريع، تبديد المال العام، وعدم احترام المعايير التقنية، إلا أن الاستجابة ظلت بطيئة، محدودة، وأقرب إلى الحياد السلبي منها إلى المتابعة القضائية الجادة.
في مقابل ذلك، حين تم إثارة ملفات داخل التقارير المركزية لمفتشية وزارة المالية، أو عبر بلاغات والي الجهة السابق، أو تدخلات وزارية مباشرة، تحركت المصالح القضائية بسرعة، وتم فتح ملفات، كحالة محاولة رشوة مفتش مالي التي أدت إلى توقيف المدير الجهوي للعمران، وسحب جواز سفره.هذا التفاوت في التعاطي القضائي يُضعف مبدأ المساواة أمام القانون، ويطرح إشكالا جوهريا حول استقلالية السلطة القضائية، وانضباطها لمبدأ الإنصاف، خاصة حين يتعلق الأمر بملفات لها بعد اجتماعي وإنساني واضح، وتوثقها تقارير ميدانية دقيقة صادرة عن هيئة حقوقية معترف بها وطنيا ودوليا.
غياب المحاسبة لا يُعد فقط ثغرة قانونية، بل يكرس الإفلات من العقاب، ويحول المشروع من ورش تنموي إلى مجال مغلق تدار فيه المصالح دون رادع مؤسساتي، ويضاعف من فقدان الثقة في القضاء، ويضعف أفق العدالة الانتقالية في تدبير الشأن المحلي والمحاسبة.
إن إرساء ثقافة المساءلة لا يحتاج فقط إلى قوانين مكتوبة، بل إلى تفعيل فعلي حين تطرح الملفات من المواطنين، لا فقط حين تثيرها السلطة المركزية. وهو ما يتطلب مراجعة كاملة لطريقة التعامل مع الشكايات الحقوقية، وتفكيك منطق الانتقائية في تفعيل العدالة.

ما كشفه زلزال الأطلس الكبير

زلزال 8 شتنبر 2023 شكل لحظة فارقة كشفت هشاشة البنيات التي رممت في إطار المشروع، وأماط اللثام عن الغش في الأشغال:
انهيار أجزاء من السور التاريخي رغم خضوعها للترميم، خاصة باب دكالة وباب أغمات
سقوط منازل خضعت سابقا للتأهيل، مما يؤكد فشل البرنامج في تحقيق الأمان السكني
غياب مرافق صحية جاهزة، واستمرار إغلاق المراكز الاجتماعية، وعشوائية التدخلات بعد الكارثة
تدخل عشرات المقاولات دون إعلان رسمي عن الصفقات أو التكلفة، في غياب تام للشفافية
ترميمات الأسوار والمؤسسات العتيقة كانت تجميلية لا وظيفية، ولم تحترم الخصوصيات الهندسية
الزلزال تحول من كارثة طبيعية إلى اختبار كشف زيف الخطاب الرسمي حول نجاح المشروع، وأظهر أن “مراكش حاضرة متجددة” لم تكن سوى عنوانا لتسويق سياسوي دون أثر ملموس على حياة المواطنين.

استنتاجات

المشروع تحول من برنامج تنموي إلى واجهة سياسية انتخابية تخدم فقط الماركوتينغ السياسي.
غياب المحاسبة أدى إلى إهدار الزمن التنموي وتفويت فرص حقيقية
ضعف التنسيق وتضارب التقارير ضلل الرأي العام وكرس غياب الشفافية
الانحراف عن المقاربة الحقوقية أدى إلى تفاقم التهميش والفوارق
تقارير الإنجاز الرسمية لا تعكس الواقع، بل تخدم أجندات مؤسساتية مغلقة

الفصل الحادي عشر: المطالب المؤسساتية والحقوقية للتصحيح والمحاسبة
في ضوء ما رصدته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش من خروقات بنيوية ومظاهر فساد ممنهج في مشروع مراكش الحاضرة المتجددة، وما نتج عنه من تراجع و تدهور في الخدمات العمومية، وانتهاك لحقوق الساكنة، وتبديد للمال العام، فإنها تضع جملة من المطالب الحقوقية والمؤسساتية التي تشكل أساس أي إصلاح حقيقي وتصحح مسار المشروع وفقا للمرجعيات الوطنية والدولية.
المطالب القضائية والرقابية
فتح تحقيق قضائي شامل ومستقل في كل مراحل المشروع، يشمل المحاور العمرانية، المالية، التقنية، البيئية، والمرافق الاجتماعية
ترتيب المسؤوليات الإدارية والجنائية داخل مؤسسة العمران، وكل المقاولات والمكاتب المتورطة في الترميم المغشوش وتعطيل الأشغال.
إخضاع المشروع لتدقيق مالي من طرف المجلس الأعلى للحسابات، ونشر تقرير مفصل حول النفقات، نسب الإنجاز، ومعايير الصرف.

المطالب التشريعية والمؤسساتية

تعديل القانون التنظيمي للجماعات الترابية بما يلزم المؤسسات العمومية بإخضاع المشاريع الترابية الكبرى لنقاش داخل المجالس المنتخبة
تقوية آليات الرقابة المدنية عبر فتح منصات تفاعلية لعرض تفاصيل المشاريع على العموم وتفعيل آلية التشاور الشعبي
إلزامية إدراج مشاريع الدولة ضمن المساطر الرقابية المعلنة، وعدم إعفائها من المحاسبة أو النقاش المؤسساتي

المطالب الحقوقية والمجالية

إيقاف كل أشكال التفويت العقاري خارج القانون، واسترجاع العقارات المخصصة للمرافق العمومية التي تم تحويلها إلى مشاريع خاصة
إعادة تأهيل المنازل المنهارة داخل المدينة العتيقة، وإطلاق برنامج استعجالي لإيواء الضحايا في ظروف تحفظ كرامتهم
مراجعة كل المشاريع البيئية المغلقة، وإعادة فتح الحدائق، وتشغيل المرافق الخضراء، وإنشاء مرفق بيئي مستقل لمراقبة جودة الهواء والتوازن الإيكولوجي
إعادة تشغيل مستشفى سعادة للأمراض العقلية، وإعادة الجراحة العامة إلى مستشفى بن تاشفين، ووقف التنقيلات الانتقامية داخل قطاع الصحة
استكمال بناء المؤسسات التعليمية المبرمجة، وتجهيزها بما يضمن الحق في تعليم جيد ومتوازن لكافة الأطفال دون استثناء
إصلاح منظومة النقل الحضري، وإعادة تشغيل الحافلات الكهربائية وفق دفتر تحملات واضح وشفاف، وإنشاء ممرات خاصة للتنقل الآمن

مطالب تتعلق بالحق في المعلومة والمساءلة
إلزام مؤسسة العمران والإدارات المعنية بنشر كل الوثائق المتعلقة بالمشروع، بما في ذلك الصفقات، العقود، نسب الإنجاز، والتقارير التقنية
فتح حوار مؤسساتي مع الجمعيات والهيئات الرقابية حول مستقبل المشاريع الكبرى بالمدينة، واعتماد آلية مساءلة دائمة لكل من يدبر المال العام

مطالب تتعلق بحقوق الهجرة و اللجوء
رغم حضور فئة المهاجرين من جنوب الصحراء في المدينة، أو فئات أخرى من المهاجرين، سواء في إطار الهجرة القسرية أو الإقامة المؤقتة أو شبه الدائمة، فإن مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة” أغفل إدماج هذه الفئات في تصوراته الاجتماعية، الثقافية والإنسانية.
وفي هذا الإطار، يؤكد فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمنارة مراكش على النقاط التالية:
غياب أية مرافق أو برامج موجهة خصيصا لدعم إدماج المهاجرين من جنوب الصحراء، سواء من حيث الخدمات الصحية، التعليمية، الثقافية، أو الإدارية، بما يتناسب مع المقاربة الحقوقية الدولية المعتمدة في هذا المجال.
استبعاد هذه الفئة من الحق في الاستفادة من بعض الخدمات الأساسية رغم تواجدها الفعلي بالمدينة، مما يكرس مظاهر الإقصاء والتمييز غير المعلن.
ضرورة اعتماد مقاربة إنسانية حقوقية من طرف الدولة، تأخذ بعين الاعتبار الفئات غير المصنفة رسميا ضمن السكان القارين، وخصوصا في ما يتعلق بالحق في الكرامة الإنسانية والأمان الاجتماعي.
بناء عليه، يطالب فرع الجمعية الدولة بما يلي:
إدراج بعد الهجرة واللجوء في التخطيط الحضري والاجتماعي للمشاريع المماثلة، بما يعكس المرجعيات الدولية.
إحداث فضاءات استقبال ودعم قانوني وإنساني للمهاجرين، بشراكة مع الجمعيات الحقوقية والإنسانية.
تقوية شبكة الخدمات الاجتماعية والصحية بما يضمن استفادة الجميع دون تمييز أو إقصاء.

هذه المطالب لا تمثل فقط احتجاجا على واقع مختل، بل تشكل خارطة طريق للعدالة المجالية، ومخرجا لمسار تنموي محتضر، وتحقيقا لمبدأ الإنصاف في توزيع الحقوق، وإرساء لثقافة المحاسبة في زمن التعميم المؤسساتي والانفلات الإداري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى