وطني

المجالس الجهوية للحسابات ترصد اختلالات مالية وتلاعبات في صفقات عمومية بجماعات ترابية

كشفت تقارير صادرة عن لجان التفتيش التابعة للمجالس الجهوية للحسابات، التي باشرت مؤخرا عمليات افتحاص بعدد من الجماعات الترابية بجهتي الدار البيضاء-سطات وفاس-مكناس، عن خروقات خطيرة تورط فيها عدد من رؤساء الجماعات، سواء الحاليين أو السابقين، تتعلق أساسا بـتبديد المال العام والتلاعب في الصفقات العمومية.

ووفقا لمصادر اعلامية، أظهرت هذه التقارير وجود فواتير وهمية، وصفقات مشبوهة تمت عبر سندات طلب مبالغ فيها أو تم تمريرها في إطار علاقات مجاملة، ما يشكل انتهاكا صريحا لقواعد المنافسة والشفافية المفروضة قانونا.

كما رصدت وثائق المفتشين تكرار التعامل مع مزودين بعينهم، في تغييب تام لمبدأ المساواة بين المتنافسين، ما أدى إلى إقصاء عروض أفضل من حيث السعر والجودة، خصوصا في صفقات تتعلق باقتناء معدات المقالع، والألبسة، والتحف، والهدايا، ومواد الصيانة العمومية.

وتشير المعطيات إلى أن عددا من هذه الملفات سيتم إحالتها على محاكم جرائم الأموال، في حين أحيلت ملفات أخرى من المجلس الأعلى للحسابات على مكتب وزير العدل، قصد مباشرتها من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

وتضمنت التقارير أيضا إشارات إلى اختلالات بنيوية في تدبير لجان فتح الأظرفة، من بينها غياب وثائق قانونية أساسية، وتجاوزات في تعيين أعضاء اللجان، إضافة إلى عدم إبلاغ المتنافسين المقصيين بقرارات الإقصاء، خلافاً لما ينص عليه القانون.

كما سجل قضاة المجالس الجهوية محاولات للتستر على الخروقات، من خلال سوء تدبير الوثائق المرتبطة بالصفقات، وغياب ممثلي الخزينة العامة خلال جلسات فتح الأظرفة، ما يُعد خرقا واضحا للمادة 34 من المرسوم رقم 2.06.388 المتعلق بصفقات الدولة.

ويتوقع أن يتوصل مكتب وزير العدل بدفعة جديدة من الملفات الثقيلة فور انتهاء العطلة القضائية، قد تفضي إلى قرارات تأديبية ومالية صارمة، وربما إعفاءات ومحاكمات تطال مسؤولين كبار داخل عدد من المجالس المنتخبة.

كما أشارت التقارير إلى ارتفاع ملحوظ في توقيع قرارات إلغاء سندات الطلب من طرف بعض رؤساء الجماعات، خصوصا في إقليم جهة الدار البيضاء-سطات، مستندين إلى تغير الظروف الاقتصادية، وهو ما يتيحه مرسوم الصفقات العمومية في حال وجود مستجدات تقنية أو اقتصادية أو ظروف استثنائية.

وتعكس هذه التحقيقات اتجاها متزايدا نحو تشديد الرقابة على تدبير الشأن المحلي، في سياق مطالب شعبية متصاعدة بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان حماية المال العام من الفساد وسوء التسيير داخل المؤسسات المنتخبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى