
الجمعية تحذر من تدهور أوضاع الحقوق والحريات وتدين التطبيع وتدعو لدستور ديمقراطي جديد
اختتمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أشغال مؤتمرها الوطني الرابع عشر، المنعقد أيام 23 و24 و25 ماي الجاري بمدينة بوزنيقة، تحت شعار: “نضال وحدوي ضد الفساد والاستبداد والتطبيع، ومن أجل مغرب الديمقراطية وكافة حقوق الإنسان للجميع”، بإصدار بيان ختامي حاد اللهجة، عبر عن قلق بالغ من التراجعات التي تعرفها أوضاع حقوق الإنسان وطنيا ودوليا، وأطلق سلسلة من المواقف والمطالب تتوزع بين الشأن الدولي والوطني والتشريعي، داعيا إلى إصلاحات عميقة تهم بنية الدولة ومؤسساتها.
على الصعيد الدولي: إدانة الانحياز الغربي وجرائم الاحتلال الإسرائيلي
ندد البيان بما وصفه بـ”الانهيار القيمي والأخلاقي” الذي تعرفه المنظومة الدولية بسبب هيمنة القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، على المؤسسات الأممية، بما في ذلك مجلس الأمن، وأشار إلى أن هذا الوضع أسهم في تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان عالميا، وسط صعود مقلق لليمين المتطرف، وارتفاع موجات العنصرية وكراهية الأجانب.
وسلط البيان الضوء بشكل خاص على العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، واصفا ما يحدث هناك بـ”جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي”، كما اتهم بعض الأنظمة العربية، ومن ضمنها المغرب، بـما أسماه “التواطؤ من خلال التطبيع، والسماح بمرور شحنات أسلحة موجهة للاحتلال”.
وطنيا: انتقادات لاذعة للدولة واتهامات بتضييق ممنهج على الحقوق والحريات
اتهم المؤتمر الدولة المغربية بـ”استغلال السياق الدولي المتأزم لإحكام قبضتها الأمنية”، من خلال تصعيد ما أسماه القمع والتضييق على النشطاء الحقوقيين والمعارضين والنقابيين والصحافيين والمدونين، فضلا عن محاصرة الحريات العامة، واستغلال القضاء لإصدار “أحكام جائرة”.
كما أشار البيان إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في ظل ارتفاع كلفة المعيشة، تفشي البطالة، وتفاقم الفقر والهشاشة، منتقدا ما وصفه بـ”النهج التصفوي” الذي تمارسه السلطات ضد حقوق السكن والتشغيل والحماية الاجتماعية.
رفض للتطبيع ودعوة إلى إلغائه
جدد المؤتمر موقفه الثابت من رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، داعيا الدولة المغربية إلى التراجع عن اتفاق 10 دجنبر 2020، وإلغاء كافة أشكال التعاون مع إسرائيل، معتبرا أن هذا التطبيع “يخدم الإمبريالية العالمية، ويهدد السيادة الوطنية”.
مطالب تشريعية ودستورية جوهرية
طالب المؤتمر بإقرار دستور ديمقراطي علماني، ينص صراحة على سيادة الشعب، فصل السلط، والمساواة التامة بين الجنسين، ويعتمد المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، داعيا إلى:
– ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، والمصادقة على عدد من الاتفاقيات المؤجلة، منها اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 حول الحريات النقابية.
– سن إصلاحات تهم المنظومة القضائية لضمان الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية، ووقف توظيف القضاء لتصفية الحسابات السياسية.
– تفعيل الآليات الوقائية ضد التعذيب، وضمان المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، وخاصة في حالات الوفاة في السجون أو مخافر الشرطة.
– تشكيل هيئة مستقلة للحقيقة لكشف مصير المختفين قسرا، وضمان جبر ضرر شامل، وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
كما تضمن البيان موقف الجمعية من مجموعة من القضايا يمكن إجمالها كالتالي:
1 – مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان
التأكيد على الرفض المطلق للإرهاب بجميع أشكاله.
الدعوة إلى معالجة الأسباب البنيوية والاجتماعية والسياسية للإرهاب بدلا من الحلول الأمنية فقط.
إدانة الاعتقالات التعسفية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وغياب ضمانات المحاكمة العادلة.
2. الاعتقال السياسي
المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي والمشاركين في الحراكات الشعبية، وخاصة معتقلي الريف، تازة، وأكديم إزيك.
التأكيد على ضرورة احترام قرارات الهيئات الأممية ذات الصلة وضمان شروط المحاكمة العادلة.
3. القضاء
الدعوة إلى تعزيز استقلالية القضاء والنيابة العامة عن السلطة التنفيذية.
المطالبة بمساواة الجميع أمام القانون دون أي تمييز بسبب الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعي.
4. الحق في الحياة والسلامة البدنية
تجديد الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام باعتبارها انتهاكا للحق في الحياة.
المطالبة بالكشف عن حقيقة الوفيات الغامضة التي طالت نشطاء وحقوقيين.
5. مناهضة التعذيب
المطالبة بتفعيل جميع توصيات لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة.
ضرورة مراجعة قوانين الحراسة النظرية، وتعزيز الضمانات القانونية لحماية الموقوفين من الانتهاكات.
6. الحقوق والحريات الفردية والجماعية
المطالبة بإلغاء القوانين التي تجرم الحريات الفردية، خصوصا الفصول 220، 222، 489، و490 من القانون الجنائي.
إدانة المراقبة الرقمية والتجسس، والتضييق على نشطاء حقوق الإنسان.
7. أوضاع السجون
التعبير عن القلق إزاء الارتفاع المقلق في عدد السجناء وسوء المعاملة داخل السجون.
المطالبة بإصلاح السياسة الجنائية، وتحسين ظروف الاعتقال، وتفعيل آليات الرقابة المستقلة.
8. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
انتقاد السياسات الاقتصادية الليبرالية التي عمقت الفوارق الاجتماعية وزادت من الفقر والبطالة.
الدعوة إلى تحقيق عدالة اجتماعية واقتصادية حقيقية ومحاسبة المسؤولين عن الفساد وسوء التسيير.
9. الشغل والحقوق النقابية
التنديد بالانتهاكات المتكررة للحقوق الشغلية والنقابية.
المطالبة بالمصادقة على جميع اتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات الصلة، وتعديل القوانين المجحفة بحق العمال.
10. التعليم والصحة
التحذير من تدهور وضعية التعليم العمومي والجامعي، وارتفاع نسب الهدر المدرسي.
رفض خوصصة قطاع الصحة وسوء تدبيره، والمطالبة بإصلاح شامل يضمن الحق في الرعاية الصحية للجميع.
11. السكن
المطالبة بوقف الهدم القسري للسكن غير النظامي، وإعادة إعمار المناطق المتضررة من الكوارث، خصوصا الزلازل.
انتقاد تدبير ملف السكن الاجتماعي وعدم استجابته لحاجيات الفئات المهمشة.
12. الأرض والماء
دعم نضالات الحركات الاجتماعية من أجل حماية الأراضي والثروات المائية.
رفض تفويت الأراضي ومصادر المياه للمضاربين والمستثمرين الكبار وخوصصتها على حساب الساكنة المحلية.
13. الحقوق الثقافية واللغوية
الدعوة إلى التفعيل الفعلي للطابع الرسمي للغة الأمازيغية في جميع مناحي الحياة العامة.
المطالبة بسياسة ثقافية ديمقراطية، عادلة ومنفتحة، تعزز مشاركة المواطنين في الحياة الثقافية.
14. البيئة
المطالبة بسياسات بيئية مستدامة تحافظ على الموارد الطبيعية وتكافح التلوث والنهب.
التأكيد على ضرورة العدالة المناخية، وربط المسؤولية بالمحاسبة في ما يخص الأضرار البيئية.
15. حقوق النساء:
واقع هش للمساواة: لا تزال المساواة الفعلية غائبة في مجالات متعددة، رغم المصادقة الجزئية على اتفاقية سيداو.
عنف واسع النطاق: استمرار العنف ضد النساء، وتدني المشاركة الاقتصادية والسياسية.
لذلك طالبت الجمعية بملاءمة القوانين مع الاتفاقيات الدولية.
مراجعة مدونة الأسرة لضمان المساواة في الإرث، النيابة الشرعية، إلغاء التعدد وتزويج القاصرات.
تعديل القانون الجنائي لحماية النساء.
إصلاح هيئة المناصفة وضمان استقلاليتها.
مراجعة قانون محاربة العنف ضد النساء (13-103).
ضمان الحق في الإجهاض الآمن والحرية الجسدية.
حماية عاملات البيوت والعاملات الزراعيات، والاعتناء بالفئات النسائية الهشة.
16 حقوق الطفل:
مطالب تشريعية بتعديل القوانين لرفع سن الزواج والشغل إلى 18 سنة، المصادقة على البروتوكول الخاص بالشكاوى.
انتقاد الهدر المدرسي الواسع، ضعف الرعاية الصحية والتعليم باللغة الأم.
استمرار الاستغلال الجنسي، وتشغيل الأطفال.
مطالب قانونية بتجريم البيدوفليا.
اعتبار الاعتداء الجنسي عنفا بحد ذاته، بغض النظر عن عنصر “العنف الجسدي”.
ضمان مصلحة الطفل القصوى في كل الحالات.
17. حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:
واقع صعب: حرمان واسع من التعليم (أكثر من 55%)، وانتهاكات خلال الاحتجاجات.
مطالب بتفعيل الحصة القانونية في التشغيل.
توفير الولوجيات والخدمات الأساسية والدعم الاجتماعي للأطفال ذوي الإعاقة.
18. قضايا الهجرة:
مخاوف بارزة من تفاقم أوضاع المهاجرين بفعل الأزمات الاقتصادية، وصعود اليمين في أوروبا.
ممارسات عنيفة تجاه المهاجرين في المغرب (مجزرة “باريو تشينو”).
مطالب بسن قوانين للهجرة واللجوء متوافقة مع المعايير الدولية.
مساءلة المسؤولين عن الانتهاكات، وخاصة مجزرة 24 يونيو 2022.
رفض دور “الشرطي الحدودي” للاتحاد الأوروبي.
19. حقوق الشعوب:
دعم نضالات الشعوب: رفض الحروب، العولمة المتوحشة، والصهيونية.
موقف حازم من فلسطين:
إدانة التطبيع مع الكيان الصهيوني، والمطالبة بقطعه نهائيا.
دعم المقاومة الفلسطينية، ومطالب بمحاكمة قادة الكيان الصهيوني على جرائم الإبادة.
رفض تدخلات أجنبية: في اليمن، سوريا، السودان، ليبيا، وأماكن أخرى.
تضامن دولي: مع الشعوب المناهضة للاستعمار والاستبداد والتمييز، خاصة في كوبا، فنزويلا، وتونس.