وطني

عيد الشغل.. احتفالات في ظل استمرار الغلاء وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين

يرتقب أن يخرج آلاف العمال والموظفين في مختلف مدن المغرب، صباح اليوم الخميس فاتح ماي، لإحياء عيد الشغل، رافعين شعارات غاضبة ومطالب اجتماعية متكررة، في ظل سياق اقتصادي صعب يتسم بغلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، ومناخ اجتماعي مشحون نتيجة تمرير نصوص قانونية يرى فيها كثيرون إجهازًا على مكتسبات تاريخية للطبقة العاملة.

ورغم الطابع الإحتفالي الذي يميز تقليديًا مسيرات فاتح ماي، فإن مظاهر الغضب تخيم على التجمعات النقابية هذه السنة، حيث وجهت المركزيات النقابية انتقادات حادة للحكومة بسبب ما اعتبرته “تراجعات خطيرة عن الحقوق الإقتصادية والإجتماعية”، متهمة إياها بتبني سياسات تقشفية غير معلنة، وتغليب منطق التوازنات المالية على حساب العدالة الإجتماعية.

غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية

من أبرز القضايا التي ينتظر أن تحضر بقوة في خطابات ومطالب النقابات هذا العام، الارتفاع المهول في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية، مقابل جمود الأجور وتدهور القدرة الشرائية، حيث أكدت تقارير صادرة عن المندوبيّة السامية للتخطيط أن معدل التضخم لا يزال مرتفعًا، فيما لا تواكبه أية إجراءات حقيقية لتحسين دخل الأسر أو تخفيف عبء المعيشة.

ويرى كثيرون من العمال أن الاحتفال بعيد العمال لم يعد له طعم، اذ في كل سنة يتم رفع نفس المطالب دون جدوى. فالأجور مجمدة، والأسعار تشتعل كل يوم، والطبقة العاملة صارت عاجزة حتى عن تغطية أبسط الحاجيات”.

قانون الإضراب: تضييق على الحريات النقابية؟

الجدل السياسي والنقابي هذه السنة زاد اشتعالا بعد مصادقة البرلمان على قانون الإضراب الجديد، والذي اعتبرته المركزيات النقابية “تراجعيا” و”غير تشاركي”، كونه – حسب تعبيرها – يضيق الخناق على الحق في الإضراب الذي يكفله الدستور، من خلال فرض قيود إجرائية وإدارية صارمة، وإقرار عقوبات على من يمارسون هذا الحق خارج الشروط التي يحددها النص القانوني الجديد.

وفي بيان لها، وصفت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل القانون بـ”النكسة الحقوقية”، مضيفة أن “الحكومة مررت هذا النص في غفلة عن الحوار الإجتماعي، لتكميم أفواه النقابات وتجريم النضال المشروع”.

حوار اجتماعي متعثر

ورغم الحديث الرسمي عن جولات للحوار الإجتماعي، فإن النقابات تنتقد ضعف مخرجاته، وغياب إرادة سياسية حقيقية للإستجابة للمطالب الأساسية، وعلى رأسها الزيادة العامة في الأجور، مراجعة الضريبة على الدخل، واحترام الحقوق النقابية داخل المؤسسات العمومية والخاصة.

وقال عبد الإله الحلوطي، الكاتب العام للإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خلال كلمة له في الرباط: “نحن لا نرفض الحوار، لكننا نرفض الحوار الشكلي الذي لا يفضي إلى نتائج ملموسة. الطبقة العاملة صبرت كثيرا، وآن الأوان لتغيير حقيقي يحفظ لها كرامتها”.

مطالب لا تموت

في كل سنة وفي كل ساحة ومسيرة، تتردد نفس المطالب: الزيادة في الأجور، خفض أسعار المواد الأساسية، ضمان الحق في الإضراب، احترام الحريات النقابية، وتوفير الشغل الكريم، وهي مطالب قديمة/جديدة تؤكد أن فاتح ماي لم يعد مجرد مناسبة رمزية، بل صار محطة للإحتجاج والتعبير عن الغضب الإجتماعي المكبوت.

وفي غياب إصلاحات اقتصادية واجتماعية شاملة، وفي ظل استمرار السياسات التي تُضعف الطبقة الوسطى وتهمّش الفئات الهشة، تبقى الإحتفالات بعيد الشغل في المغرب موسومة بـ”الحسرة” أكثر من الأمل، وتستمر صرخة العمال في التردد عبر شوارع المدن، في انتظار من يسمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى