وطني

بعد عقود من الجمود.. مشروع نفق المغرب – إسبانيا يدخل مرحلة حاسمة

يقترب مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا، عبر نفق تحت مضيق جبل طارق، من لحظة مفصلية في مساره، بعد عقود من الجمود منذ طرحه لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي.

المشروع، الذي يعود إلى الواجهة بدعم أوروبي واستراتيجية سياسية متجددة، بلغ مرحلة متقدمة من الدراسات العملية، مع اقتراب استكمال أول دراسة جيولوجية ميدانية بحلول نهاية يوليوز 2025، تشرف عليها شركة Herrenknecht Ibérica في منطقة “عتبة كامارينال”، إحدى النقاط الأساسية المقترحة لتمرير النفق.

ورغم هذا التقدم، كشف تقرير تقني صدر في 11 يوليوز الجاري عن مستجد يحمل أبعادا جيوسياسية دقيقة، بعد تعليق دراسة زلزالية تنفذها شركة Tekpam Ingeniería لفائدة الشركة الإسبانية العمومية SECEGSA، وذلك بطلب من المعهد الملكي الإسباني والمرصد البحري التابع للبحرية الإسبانية، لأسباب وُصفت بأنها “أمنية”.

ومن المرتقب استئناف هذه الدراسة في شتنبر المقبل، إذا ما تحسنت الظروف البحرية وتم رفع التحفظات المؤسسية، ما يجعل صيف 2025 محطة حاسمة في مصير هذا المشروع العابر للقارات.

ويتماشى المشروع مع رؤية استراتيجية وضعتها الرباط لتعزيز الربط بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، كجزء من تصور شامل يربط الجنوب بالشمال ويعزز التكامل الإفريقي–الأوروبي، ويدمج هذا المشروع ضمن منظومة بنى تحتية متطورة تشمل ميناء طنجة المتوسط، وخط القطار فائق السرعة “البراق”، وشبكة طرقية وتحولات طاقية تجعل من المغرب بوابة لوجستية حيوية بين القارتين.

و وفق التصور الحالي، يُرتقب أن يُخصص النفق للنقل السككي فقط، بطول إجمالي يُناهز 60 كيلومترا، منها 28 كلم تحت البحر، وعلى عمق قد يصل إلى 300 متر، ما يجعله أطول من نفق المانش من حيث المقطع البحري، ويضعه ضمن أطول الأنفاق البحرية في العالم من حيث تعقيد الإنجاز.

وشهد المشروع خلال السنتين الأخيرتين دفعة مالية غير مسبوقة من الجانب الإسباني، حيث ارتفعت الميزانية المخصصة له من 100 ألف يورو سنة 2022 إلى 4.7 مليون يورو في 2024، بدعم حكومي وأوروبي، ما مكّن من إطلاق أولى الدراسات التقنية الميدانية بعد سنوات من الجمود.

ورغم أن الأشغال الفعلية لم تنطلق بعد، فإن الانتقال إلى مرحلة الدراسة الجيولوجية الميدانية يمثل تحوّلا نوعيا، يخرج المشروع من خانة التصورات الرمزية والتوظيف السياسي، ويضعه لأول مرة على سكة التنفيذ المحتمل.

ويبقى التحدي الأكبر متمثلا في قدرة المغرب وإسبانيا على تجاوز العقبات التقنية والسيادية، وترسيخ إرادة مشتركة تسمح بتحويل هذا المشروع الطموح إلى واقع ملموس خلال العقد المقبل، بدل أن يعود مجددا إلى رفوف الانتظار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى