
طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة – مراكش، بفتح تحقيق مستعجل ونزيه في ملابسات وفاة عامل، إثر حادث شغل مأساوي وقع بتاريخ 24 ماي 2025، بمحيط الملعب الكبير لمدينة مراكش، وبالضبط على مستوى الطريق الوطنية رقم 9 المؤدية إلى مدخل الطريق السيار مراكش – الدار البيضاء.
وكشفت الجمعية في رسالة وجهتها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، ومندوب وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن العامل وهو رب أسرة تعرض للدهس من طرف جرافة من نوع “طراكس” كانت تسير إلى الخلف دون أن تتوفر على مرايا جانبية للرؤية الخلفية، ودون أن يشتغل فيها منبه الرجوع، ما اعتبرته الجمعية دليلا على الإهمال وغياب شروط السلامة المهنية في الورش.
وأضافت الجمعية في نص رسالتها التي توصلت صحيفة “المراكشي” بنسخة منها، أن المعطى المقلق هو قيام الجهة المشغلة بإبعاد الجرافة من مكان الحادث فور وقوعه، في سلوك وصفته بـ”المريب”، ويثير الشكوك بشأن نية محتملة لطمس أدلة الحادث وملابساته الحقيقية.
ووجهت الجمعية أصابع الاتهام إلى الشركة المكلفة بالأشغال، معتبرة أنها لم تلتزم بتوفير الحد الأدنى من وسائل الصحة والسلامة المهنية، من خوذات وتشوير ومراقبة تقنية للآليات، فضلا عن استغلالها ليد عاملة غير مهيكلة، حيث تبين من خلال التقصي الميداني أن أغلب العمال يشتغلون بصفتهم مياومين، دون عقود عمل، ودون تغطية صحية أو اجتماعية، تحت إشراف مباشر من مسؤولين في الورش، ودون تكوين أو تأهيل كاف لاحترام معايير السلامة.
و أشارت الجمعية أيضا إلى خروقات قانونية واضحة تتعلق بمدونة الشغل، خاصة المواد 281 و282 و283 و286، والتي تمنع استخدام آليات تفتقر لوسائل الوقاية، وتنص على ضرورة اطلاع الأجراء على تعليمات السلامة عبر وسائل واضحة داخل الورش، وهي التدابير التي لم تحترمها الشركة بحسب توثيق الجمعية.
وبناء عليه، دعت الجمعية إلى العودة لمحضر الدرك الملكي المنجز لحظة وقوع الحادث، ومقارنته بما وثقه فريقها الميداني، وتمكين أسرة الضحية من حقوقها القانونية كاملة، بما في ذلك التعويض وجبر الضرر، وفقا للقانون الوطني والمعايير الدولية، واعتبار الحادثة “حادثة شغل” وتحميل الشركة مسؤولية إخلالها بشروط السلامة.
كما طالبت الجمعية بفتح تحقيق شفاف في ظروف إخفاء الجرافة بعد الحادث ثم إعادتها لاحقا إلى الخدمة، ومراقبة مدى التزام الشركة المشغلة بالقانون 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، حتى بالنسبة للعاملين بصفة يومية أو مؤقتة.
وشددت الجمعية على أن كرامة العمال وسلامتهم الجسدية ليست مجالا للتفريط أو التساهل، داعية السلطات القضائية والإدارية إلى تحمل مسؤولياتها في حماية الحقوق الأساسية، وإنصاف الضحايا، ووضع حد لاستهتار بعض الشركات بسلامة الأجراء، خاصة في الأوراش الكبرى.