
عبّر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمنارة مراكش، عن إدانته الشديدة لما وصفه بـ”استمرار مظاهر الفساد المالي واستغلال النفوذ وسوء التسيير” بالمدينة الحمراء، وكذا التضييق متزايد على الجمعيات الحقوقية والنشطاء والمبلغين عن الفساد.
وحذر فرع الجمعية في بيان توصلت صحيفة “المراكشي” بنسخة منه، من المنحى الخطير الذي تعرفه الساحة الحقوقية الوطنية، في ظل ما وصفه بتراجع مقلق عن المكتسبات التي حققها الشعب المغربي بنضالاته الطويلة، معتبرا أن الأوضاع الراهنة تهدد جوهر مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ويأتي البيان في سياق تشريعي حساس، تزامنا مع مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي يتضمن مقتضيين مثيرين للجدل (المادتين 3 و7)، اعتبرتهما الجمعية تهديدا صريحا للدور الرقابي الذي تلعبه الجمعيات في محاربة الفساد، إذ ينص المشروع على تقييد أهلية المجتمع المدني لتقديم شكاوى تتعلق بالمال العام، وتقليص صلاحيات النيابة العامة، الأمر الذي قد يؤدي – حسب البيان – إلى “تشجيع الإفلات من العقاب وتحصين الفساد”.
وأعاد فرع الجمعية التذكير بتقاعس السلطات في التجاوب مع مطالب فتح تحقيق في تعثر برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة” الذي رصدت له ميزانية ضخمة تناهز 6,3 مليار درهم، دون أن يحقق أهدافه المعلنة، وأشار البيان إلى فشل عدد من مكونات البرنامج، منها المحطة الطرقية بالعزوزية التي لا تزال مغلقة، ومشاريع ترميم المآثر التاريخية التي كشفت الزلازل الأخيرة هشاشتها، بالإضافة إلى تعثر برامج القضاء على الدور الآيلة للسقوط، وتثمين المدينة العتيقة، وإعادة تأهيل 27 دوارا، فضلا عن تقاعس الجهات المختصة عن الوفاء بالتزامات بناء مؤسسات تعليمية.
وفي ضوء التطورات الأخيرة، ثمن فرع الجمعية فتح التحقيقات في ملفات الفساد المرتبطة بالبرنامج، ولو جاء ذلك متأخرا، مؤكدا على ضرورة ترتيب المسؤوليات القانونية وإظهار الحقيقة للرأي العام.
وأعلنت الجمعية رفضها القاطع لأي تشريع يحد من دور الجمعيات في تتبع ومساءلة المتورطين في نهب المال العام، وطالبت بتسريع وتيرة البت في الملفات القضائية العالقة داخل آجال معقولة.
وأكدت الجمعية على أن كشف أسماء المشتبه فيهم في ملفات الفساد لا يُعد تشهيرا، بل يدخل في إطار الحق في المعلومة ومكافحة الإفلات من العقاب، ودعت المجتمع المدني والهيئات النقابية والحقوقية للتوحد في مواجهة محاولات “فرملة العمل الحقوقي وتجريده من مضمونه النضالي”.
وشدد بيان الجمعية على أن محاربة الفساد لا تتم عبر تكميم الأفواه، بل بإشراك المواطنين في الرقابة والشفافية والمحاسبة.
واكدت الجمعية في ختام بيانها، التزامها بالاستمرار في رصد وتوثيق كل مظاهر الفساد وسوء التسيير، والدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والمواطنات، رغم محاولات التضييق والمصادرة.