جليزمراكش

مراكش: غرفة المشورة “تٌبطل” قرار هيئة المحامين بتعميم توزيع قضايا نزع الملكية

قضت غرفة المشورة بمحكمة الإستئناف بمراكش، اليوم الأربعاء 27 مارس الجاري، ببطلان قرار مجلس هيئة المحامين بمراكش المتخذ بتاريخ 29 يناير 2024 في شأن تعميم قضايا نزع الملكية والاعتداء المادي، مع ما يترتب عن ذلك قانونا وتحميل الجهة المطلوبة في الطعن المصاريف.

وعللت غرفة المشورة قرارها بكون صلاحيات مجلس الهيئة في اتخاد القرارات المنظمة للمهنة ليست مطلقة وأيا كانت المقاربة التي استحضرها عند ممارستها وجب ألا تتجاوز ما رسمه التشريع المنظم للمهنة، إضافة إلى أن القرار موضوع الطعن مس بشكل واضح بالأعمدة المؤسسة لمهنة المحاماة وبعلاقة المحامي بموكله والتي تتلخص في حرية التعاقد وتوافق إرادتي المتعاقدين، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على حرية التنافس داخل المهنة.

وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بمراكش، تقدم بطعن ضد القرار الذي أصدره مجلس هيئة المحامين بمراكش والذي يقضي بتعميم توزيع قضايا نزع الملكية والاعتداء المادي، المسجلة والرائجة أمام المحكمة الإدارية بمراكش.

واستندت النيابة العامة في مقال الطعن الموجه إلى الرئيس الأول و المستشارين أعضاء غرفة المشورة بمحكمة الإستئناف بمراكش، إلى كون القرار الصادر عن مجلس هيئة المحامين قد صدر خرقا لمجموعة من النصوص القانونية المنظمة لمهنة المحاماة.

و أكدت النيابة العامة، أن القرار المطعون فيه قد خرق المبدأ الأساسي لمهنة المحاماة باعتبارها مهنة حرة مستقلة تساعد القضاء وتساهم في تحقيق العدالة، وهو المبدأ المنصوص عليه في المادة الأولى من قانون المحاماة، ومن تم لا يمكن تقييد ممارسة مهنة المحاماة بالحد من نيابة المحامي في القضايا التي كلف بها إلا بموجب القانون، و في المقابل لا يمكن تقييد حرية الأفراد في اختيار المحامي الذي يرغبون في النيابة عنهم إلا بموجب القانون.

و أضافت أن القرار المطعون فيه القاضي بتعميم توزيع قضايا نزع الملكية و الإعتداء المادي، سيؤدي لا محالة إلى تقييد حرية الأفراد في اختيار المحامي الذي يرغبون في توكيله والنيابة عنهم أمام المحاكم، كما سيؤدي أيضا إلى تقييد حرية المحامي في النيابة
عن الأشخاص الذين يرغبون في اختيار محام للنيابة عنهم، وهو ما يتعارض مع المقتضيات المنظمة لمهنة المحاماة.

و أشار الوكيل العام في معرض طعنه، إلى أن قضايا نزع الملكية التي اتخذ بشأنها القرار الصادر عن مجلس الهيئة بتعميمها وتوزيعها على السادة المحامين بهيئة مراكش هي معفاة أصلا من الرسوم القضائية و من تنصيب محام، وبالتالي فإن الأفراد في هذه القضايا غير ملزمين بتنصيب محام للنيابة عنهم، مما يكون معه القرار المطعون فيه و القاضي بتوزيع القضايا بين محاميات و محامي الهيئة ضدا عن إرادة المتقاض، قد صدر خرقا لهذا المبدأ، ومس بالتالي بحقوق ومصالح المتقاضين.

ولفت إلى أن تعيين محامي للنيابة عن متقاضي للقيام بالإجراءات التي تدخل في توكيل الخصام، لا يمكن أن يتم إلا عند إدلاء المتقاضي بما يفيد تمتيعه بالمساعدة الملكية القضائية تطبيقا لمقتضيات المادة 40 من قانون المحاماة، والحال أن قضايا نزع الملكية معفاة من تنصيب المحامي مما يكون معه مقرر مجلس الهيئة قد خرق المادة المذكورة ومس بحقوق المتقاضين ومصالحهم.

ومضت النيابة العامة في بسط الخروقات التي شابت القرار المطعون فيه، مبرزة أنه استند على ما تقتضيه المصلحة العامة من تكافل وتضامن اجتماعي بين محاميات ومحامين الهيئة، في حين أن تفعيل هذا المقرر سيضر بمصلحة المتقاضين الذين لا يرغبون في تنصيب محام أو توكيله للنيابة عنهم باعتبار أن هذه القضايا كما سلف معفاة من الرسوم القضائية ومن توكيل المحامي من جهة، ومن جهة أخرى فإن مسألة التكافل والتضامن الاجتماعي نظمته مقتضيات المادة 91 من قانون المحاماة، حيث جاء في الفقرة الخامسة منها أن مجلس الهيئة يتولى: “إنشاء وإدارة مشاريع اجتماعية لفائدة أعضاء الهيئة، وتوفير الموارد الضرورية لضمان الإعانات والمعاشات لهم … إلخ “.

و أشارت النيابة العامة إلى أن مقتضيات المادة 71 من النظام الداخلي لهيئة المحامين بمراكش نصت صراحة على أنه يمنع” على المحامي أن ينتصب أمام أية محكمة أو أية جهة كيفما كانت، ولو من أجل المصالحة عن شخص لم يكلف بالدفاع عنه، اللهم إلا إذا كلف بذلك في إطار المساعدة القضائية طبقا للقانون.. إلخ “، مما يكون معه القرار المطعون فيه قد خرق هذه المادة ،أيضا لكون الموضوع الذي انصب عليه القرار المطعون فيه معفى من إجراء توكيل محام، كما استدل مقال الطعن بمقتضيات المادتين 42 من قانون المحاماة و70 من النظام الداخلي لهيئة المحامين بمراكش، والتي تنص على أن المحامي يجب عليه أن يستقبل موكله ويعطيه الاستشارة بمكتبه، بمعنى أن الموكل هو الذي يبدي رغبته لدى المحامي من أجل النيابة عنه، مما يكون معه القرار المطعون فيه قد خرق أيضا مقتضيات المادتين المذكورتين.

واستنادا للأسباب والعلل المذكورة أعلاه، يرى الوكيل العام أن القرار المطعون فيه قد خرق المبدأ القاضي بجعل قضايا نزع الملكية معفاة من الرسوم القضائية، ومن تنصيب وتوكيل المحامي، كما خرق مقتضيات المواد 1 و 40 ، 42 و 91 من قانون مهنة المحاماة، ومقتضيات المحامي، المادتين 70 و 71 من النظام الداخلي لهيئة المحامين بمراكش، مما يجعله معرضا للإلغاء والبطلان.

وطالب الوكيل العام بالحكم بإلغاء مقرر مجلس هيئة المحامين بمراكش المطعون فيه والتصريح ببطلانه استنادا للعلل والأسباب المشار إليها أعلاه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى