
وجه حميد مجدي المستشار بجماعة قلعة السراغنة عن الحزب الاشتراكي الموحد، رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، بشأن المشاريع والاستثمارات المتوقفة بجماعة قلعة السراغنة، وتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالإقليم.
نص الرسالة:
من: حميد مجدي:
– الكاتب الإقليمي للحزب الاشتراكي الموحد بقلعة السراغنة
– مستشار بجماعة قلعة السراغنة عن الحزب الاشتراكي الموحد
إلى السيد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية
الرباط
الموضوع: بصدد المشاريع والاستثمارات المتوقفة بجماعة قلعة السراغنة، وتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
تحية احترام وتقدير
وبعد،
يؤسفني أن أخبركم أن مدينة قلعة السراغنة، تعاني من تأخر كبير في التنمية البشرية والاقتصادية، بسبب أزمات هيكلية ناتجة بالأساس عن:
– التخبط في برمجة المشاريع والتخطيط لها وتنفيذها
– غياب شبه تام لآليات المراقبة والتتبع والمحاسبة، الواردة في القوانين والتشريعات ذات الصلة
– الإخفاق في وضع استراتيجيات تنموية قادرة على الاستفادة من الإمكانات الهائلة للمدينة. فبرنامج العمل الجماعي ضعيف، ومليء بالأخطاء والمغالطات، ولا علاقة له بالواقع، ولم يتم إعداده إلا في نهاية السنة الثالثة من عمر المجلس (صودق عليه من قبل المجلس الجماعي لقلعة السراغنة في دورة ماي 2024)
– غياب تام لأي استراتيجية فاعلة، من لدن السلطات الإقليمية والمنتخبين وممثلي المصالح الخارجية المعنية، لمواجهة آثار الجفاف، التي فاقمت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية بمدينة وإقليم قلعة السراغنة.
– عدم إدراج المدينة ومنطقة السراغنة بأسرها، في الاستراتيجيات والخطط التنموية الوطنية والجهوية، وإقصاؤهما من المشاريع الريادية، التي تسهم في تحقيق التقدم والاستدامة وخلق فرص شغل قارة، مقارنة مع مدن أخرى بالجهة مثل مراكش والصويرة وبنجرير، التي استفادت – في الآونة الأخيرة فحسب – من مشاريع هيكلية وضخمة بمليارات الدراهم.
بحسب تقرير “التوطين الخرائطي للمنشآت الاقتصادية”، المرفق بالإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، والذي قامت بإنجازه المندوبية السامية للتخطيط، فإن المنشآت الاقتصادية بجماعة قلعة السراغنة، لا تتعدى 4986 منشأة اقتصادية، (يعني 3٫61٪ فقط من مجموع المؤسسات الاقتصادية الربحية بالجهة). والإقليم كله لا يتجاوز 12.447 منشأة، (يعني 9٪ فقط من مجموع المؤسسات الاقتصادية الربحية بالجهة).
بالإضافة إلى أن هذه المنشآت على قلتها، ذات إنتاجية منخفضة ولا يتجاوز عدد المشتغلين في أزيد من 91٪ منها، من واحد إلى ثلاثة أفراد. (مشتغل واحد: 2515، من 2 إلى 3 مشتغلين: 2035، من 4 إلى 9 مشتغلين: 375، من 10 إلى 49 مشتغل: 55، أكثر من 50 مشتغل: 6)
وبحسب الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، يبلغ معدل البطالة بمدينة قلعة السراغنة 23٪ (22.60 ذكور و24.40 إناث). ويبلغ 26٫80٪ بالإقليم (26٫30 ذكور، و30٫80 إناث)، وهي نسب تتجاوز المعدل الوطني الذي يقف عند حدود 21.3٪.
كما أن معدل النشاط للبالغين من العمر 15 سنة فأكثر، لا يتجاوز بجماعة قلعة السراغنة 37.30٪ (62.30 ذكور، و15.50 فقط إناث). ولا يتعدى بالإقليم معدل 36.10٪ (66.40 من الذكور، و6.80 فقط من الإناث). وهي نسبة ضعيفة جدا خصوصا لدى النساء.
بمدينة قلعة السراغنة أيضا، أكثر من نصف النشيطين المشتغلين (54.80٪) هم مستأجَرين، وغالبيتهم القصوى في وضعية الشغل الناقص وبدون حقوق شغلية. 31.40٪ هم مستقلين. و2.50٪ فقط هم مُشَغِّلين.
وبإقليم قلعة السراغنة ككل، أكثر من نصف النشيطين المشتغلين (59.30٪) هم أيضا مستأجَرين، وغالبيتهم القصوى في وضعية الشغل الناقص أو غير المؤدى عنه، وبدون حقوق شغلية. 30.10٪ هم مستقلين. و1.50٪ فقط هم مُشَغِّلين.
مظاهر التهميش والتردي الذي تعيشه المدينة، بادية للعيان، وتكمن أيضا في ضعف وعدم الاهتمام من أي جهة مسؤولة، بالبنية التحية والمرافق اللازمة لعمل المجتمع:
• مستشفى إقليمي واحد لأزيد من 600.000 ألف نسمة، قديم وقاعاته ومرافقه ضيقة ومتهالكة، ويفتقر لأهم التجهيزات، وبه خصاص هائل في الموارد البشرية والأطر الطبية.
• الشوارع والطرق الرئيسة وممرات الراجلين بالمدينة متردية، ولم تعد في غالبيتها القصوى قابلة للاستعمال.
• كلية لا تتوفر على كافة التخصصات، ولا على بنية استقبالية كافية ومناسبة للطلبة حتى في الحد الأدنى: لا توجد مكتبة جامعية، ولا قاعات أو مدرجات مناسبة للدرس والتحصيل والتأطير، ولا تجهيزات لائقة، كما هي متعارف عليها، في هذا النوع من المرافق الهامة والمؤثرة في المجتمع السرغيني والبلد ككل.
• ضعف الإنارة العمومية، وتلاشي شبكة الصرف الصحي، وتآكل متواصل وشديد للمناطق الخضراء والحدائق العمومية.
• احتلال الملك العمومي الذي لم يعد يحتمله السكان، والفوضوية العارمة لشبكة السير والجولان داخل المدينة التي يضيق الناس بها، يعمقان من تفاقم الأزمة. وهي مشكلات يمكن حلها بسهولة إذا توفرت الإرادة والمسؤولية.
هذه كلها، مثبطات إضافية أمام التنمية البشرية والازدهار بالمدينة..
ويؤسفني السيد رئيس الحكومة أن أخبركم أيضا، بظاهرة خطيرة تعيق أي أمل في التطور، والإنماء، وثقة المواطنين في الإدارة والمنتخبين.
يتعلق الأمر، بتوقف العديد من المشاريع الاستثمارية التي تم التخطيط لها، وتم الاتفاق رسميا على إنجازها، ورصدت لها أموال طائلة، ولكنها تحولت بعد ذلك، إلى خرائب وأوكار للأزبال والحيوانات الضالة وتناول المخدرات.. وكانت ستشكل فارقا هاما لو أنها أنجزت في وقتها، وقدمت خدماتها إلى مواطني قلعة السراغنة.
من بين أهم هذه المشاريع المعلقة أشغالها واستعمالاتها، ما يلي:
– توقف توسعة مستشفى السلامة الإقليمي، التي رصد لها غلاف مالي كبير، من قبل وزارة الصحة والبنك الأوروبي للاستثمار، وانطلقت تهيئة أشغالها منذ سنة 2011 على الأقل، وكان من المفترض أن تنتهي بحسب الوثائق التي نتوفر عليها في صيف 2014!
انقطاع هذه الأشغال بمستشفى السلامة، أحدث أضرارا بالغة في البنايات التي تهرأ وتتهالك يوما بعد يوم، وفي هيكل المستشفى ذاته، وحرمت الساكنة من أهم الخدمات الاجتماعية على الإطلاق (الصحة العمومية).
يستفيد من خدمات المستشفى الإقليمي لقلعة السراغنة ما يزيد عن 600.000 من سكان الإقليم والأقاليم المجاورة، وهي مضطرة اليوم إلى ارتياد مستشفيات بعيدة بمراكش وغيرها من المدن الأخرى، أو الولوج مكرهة إلى مستشفيات القطاع الخاص، علما بأن منطقة السراغنة، تعد من أفقر الجهات في بلادنا.
– توقف أشغال المطرح الإقليمي لطمر وتثمين النفايات المنزلية والمماثلة لها وتدبير مراكز التحويل:
تمت المصادقة على مشروع دراسة الجدوى المتعلقة بإنجاز المطرح وتدبيره في دورة ماي 2021، من قبل مجموعة الجماعات الترابية “التضامن” التي يترأسها رئيس جماعة قلعة السراغنة. وتم تحويل أزيد من 10 مليار سنتيم قصد إنجاز المشروع، من قبل وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وجماعة قلعة السراغنة والجماعات الأخرى المساهمة.. ومع ذلك، تم تعليق أشغاله منذ سنوات، وبقيت التجمعات السكنية في قلعة السراغنة، تتعرض لأضرار هائلة من المطرح العمومي المتواجد حاليا في قلب المدينة، بسبب الأوساخ والحشرات وانبعاث الروائح الكريهة، وبسبب الأدخنة والغازات الصادرة عن حرق الأزبال.. الخ.
– توقف الاستفادة من الأسواق “النموذجية” وإغلاقها: يتعلق الأمر ب: سوق جنان بكار، سوق جنان الشعيبي، سوق الهنا، سوق المرس، والمركز التجاري مولاي إسماعيل
هذه الأسواق كلف بناؤها مئات الملايين من الدراهم. وكان من المفروض أن تؤوي منذ عدة سنوات المئات من الباعة المتجولين، ولكنها وإلى اليوم مهجورة ومهملة وتتعرض للتلف. أصبحت وكرا للكلاب الضالة، ومليئة بالأزبال والمتلاشيات، وروائحها كريهة، وتحولت إلى معضلة بيئية..
– توقف أشغال مشروع القرية الصناعية، الذي كان من المفروض أن يشمل 600 وحدة صناعية على الأقل.
بحسب الوثائق المتوفرة لدينا، فقد تم إبرام العقد بخصوصه منذ ما يزيد عن 7 سنوات، ورصدت له ميزانية إجمالية قدرها: 106.503.591.00 درهم، بالشراكة بين وزارة الصناعة و التجارة و الاستثمار و الاقتصاد الرقمي، ومجلس جهة مراكش – أسفي، والمجلس الإقليمي لقلعة السراغنة، وغرفة التجارة والصناعة والخدمات، ووكالة الحوض المائي لأم الربيع، وشركة العمران، ولكن لم يعرف طريقه للإنجاز بعد.
– توقف أشغال إنجاز مشروع نواة جامعية بقلعة السراغنة، تابعة لجامعة القاضي عياض، على بقعة أرضية تبلغ مساحتها الإجمالية 40 هكتار، كانت في ملكية الجماعة السلالية أهل الغابة زنادة، وهي اليوم في ملكية جامعة القاضي عياض.
اتخذ القرار بشأن هذه النواة الجامعية منذ 2018، بين أطراف الاتفاق المشكلة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الاقتصاد والمالية، وجامعة القاضي عياض بمراكش، ومجلس جهة مراكش أسفي، والمجلس الإقليمي لقلعة السراغنة، وعمالة إقليم قلعة السراغنة، وجماعة قلعة السراغنة. وخصص لها كبداية غلاف مالي قدره 50 مليون درهم. وكان مقررا حسب الاتفاق الموقع، أن ينجز هذا المشروع الهام في غضون 24 شهرا.
– توقف منذ سنوات عديدة، أشغال بناء السوق الأسبوعي الجديد، وسوق الجملة لبيع الخضر والفواكه، والمجزرة البلدية. والتي تبلغ مساحتها جميعا 27 هكتار و 58 آر و 27 سنتيار. تقدمت الأشغال بصددها بأكثر من 40٪ تقريبا ثم توقفت!
– توقف بناء المركب الثقافي والديني بمدينة قلعة السراغنة، الذي رصد له مبلغ هام يصل إلى 80 مليون درهم على الأقل. وقد تم تعليق أشغال هذا المشروع الذي انطلق منذ ما يزيد عن 5 سنوات، رغم أن مرافقه وبناياته الأساسية وصلت إلى نهايتها تقريبا.
– توقف مشروع إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء بالمدينة.
– توقف أشغال وصيانة كل المسابح البلدية ..
إن هذه الإشكالات التي هي في جزء كبير منها من صنع الإدارة والمنتخَبين، تؤثر بشكل سلبي على حياة الناس بقلعة السراغنة، وتحيل حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية إلى ضرر بالغ..
وأشير إلى أني أتوجه إلى حضرتكم بهذه الرسالة، بعد أن تم إهمال وتجاهل الرسائل والشكايات التي بعثت بها باسم الحزب الاشتراكي الموحد، في نفس هذه القضايا، وفي غيرها، إلى كل من: المجلس الأعلى للحسابات (12 أبريل 2023)، والمجلس الجهوي للحسابات مراكش – آسفي (1 أبريل 2023 و14 فبراير 2024)، ووزارة الداخلية – المفتشية العامة للإدارة الترابية (12 أبريل 2023)، ومحكمة جرائم الأموال بمراكش (23/01/2023)..
وكذلك عدم تفاعل الإدارات العمومية بقلعة السراغنة وعمالة الإقليم، مع شكاياتنا وشكايات المواطنين وحاجياتهم الأساسية، ومع هيئات المجتمع المدني..
لذلك، فإني أرجو أن تولوا مواضيع رسالتنا الاهتمام اللازم، وأن تعملوا على تصويب الوضع المؤسف والمتردي الذي تعرفه قلعة السراغنة، والحد من النزيف.
وتقبلوا عبارات تقديرنا واحترامنا
والســلام
قلعة السراغنة في: 30 يناير 2025
الإمضاء: حميد مجدي