
أسدلت غرفة الجنايات الإبتدائية لدى محكمة الإستئناف بمراكش، في جلستها ليوم الجمعة تاسع ماي الجاري، الستار على ملف يتابع فيه عدل بجماية التزوير في محرر رسمي واستعماله.
وقد قضت هيئة المحكمة بمؤاخذة المتهم “أ، ب، ا” من أجل المنسوب إليه و معاقبته بسنتين حبسا موقوفة التنفيذ و غرامة نافذة قدرها مائة ألف (عشرة ملايين سنتيم) و تحميله الصائر دون إجبار وإتلاف الرسم المزور، وبأداء المتهم للمطالب بالحق المدني تعويضا مدنيا قدره ثمانية الآف ( 8000 درهم) مع تحديد مدة الإكراه في الأدنى.
وكان قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بمراكش، الأستاذ عبد الرحيم بلكحل، قرر إحالة العدل التابع للمحكمة الابتدائية بإيمنتانوت على غرفة الجنايات، على خلفية متابعتهما بجناية التزوير في محرر رسمي، وذلك استنادا إلى معطيات التحقيق التي كشفت وجود شبهة تحريف معطيات عقد بيع عقاري يعود لسنة 2016.
وبحسب المعطيات التي توصلت بها صحيفة “المراكشي”، فإن فصول القضية تعود إلى شكاية تقدم بها المواطن “التهامي، ا” إلى النيابة العامة، أوضح فيها أنه كان يملك قطعة أرضية مناصفة مع المسمى قيد حياته “أحمد، أ”، تم اقتناؤها سنة 1979 بموجب عقد رسمي، وفي سنة 2016، قرر المشتكي بيع نصيبه فقط، أي نصف الأرض، لفائدة شخص آخر مقابل مبلغ 5000 درهم، ليتم تحرير عقد البيع من طرف عدلين تابعين للمحكمة الإبتدائية بإيمنتانوت، بناء على وثائق الملكية التي تفيد بوضوح امتلاكه لنصف البقعة فقط.
غير أن المشتكي، وبعد حوالي ثلاث سنوات من توقيع العقد، تفطن بالصدفة إلى أن هذا الأخير تضمن معطيات مغلوطة، حيث تم التنصيص فيه على بيع الأرض كاملة للمشتري بدل نصفها، ما اعتبره تزويرا متعمدا ونتيجة لتواطؤ محتمل بين المشتري والعدلين، خصوصا وأنه سبق أن أوضح لهما حدود ملكيته خلال عملية التوثيق.
وفي معرض التحقيق، نفى العدل “أ، ب،ا” ارتكابه لأي فعل جنائي، مدعيا أن الأمر لا يعدو أن يكون سهوا أو خطأ ماديا في تحرير العقد، دون قصد تحريف أو تزوير، وأكد أن سند الملكية كان واضحا أمامه هو وزميله العدل المتوفى الذي ينحدر من تيديلي مسفيوة بإقليم الحوز، وأنه من المحتمل أن يكون الخطأ قد وقع دون أن ينتبها إليه، رغم خطورة نتائجه.
غير أن قاضي التحقيق خلُص، استنادا إلى وثائق الملف ومحضر الضابطة القضائية المؤرخ في 26 أكتوبر 2022، إلى وجود أدلة كافية على ارتكاب العدل “أ، ب، ا” جناية التزوير في محرر رسمي، كما هو منصوص عليه في الفصل 353 من القانون الجنائي، لكونه كان على علم بأن البائع يمتلك فقط نصف القطعة، وهو ما أكده عقد التمليك الأصلي الذي تم الاطلاع عليه قبل تحرير عقد البيع.
وبناء عليه، أمر قاضي التحقيق بإحالة المتهم “أ، ب، ا” على غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بمراكش لمتابعته قانونيا، في المقابل، تم الأمر بعدم متابعة العدل الثاني لثبوت وفاته وفق رسم الوفاة الصادر عن جماعة تديلي مسفيوة، مع حفظ المسطرة في حقه.
وتعيد هذه القضية تسليط الضوء على أهمية المسؤولية المهنية التي يتحملها العدول في توثيق العقود، والدقة الواجبة في التعامل مع الوثائق الرسمية التي تمس الملكيات العقارية وحقوق الأفراد.