
“تقَاطع” تتهم الحكومة بالسعي لتحويل الحوار الإجتماعي إلى واجهة لتبرير سياسات الدولة
اتهمت الشبكة الوطنية للحقوق الشغلية المعروفة اختصارا بـ”تقاطع”، الحكومة بالسعي إلى تحويل الحوار الإجتماعي من فضاء للنضال النقابي من أجل تحسين أوضاع الشغيلة إلى واجهة حكومية لتبرير سياسات الدولة وشرعنة قوانينها التراجعية (قانون الإضراب، إصلاح التقاعد…)، وبالتالي إضعاف الثقة في المنظمات النقابية.
و أكدت الشبكة في بيان توصلت صحيفة “المراكشي” بنسخة منه، أن “أوضاع الطبقة العاملة بالمغرب تشهد تدهورا نوعيا، ناتجا عن تراكم أشكال متنوعة ومتعددة من انتهاك الحقوق الأساسية والإجهاز على مكاسب مهنية واجتماعية أولها الحق في العمل”، معتبرة أن “النموذج الاقتصادي التبعي المعتمد يؤدي إلى تنامي البطالة الجماهيرية، حيث أكدت معطيات الإحصاء العام الأخير أن نسبة البطالة (21.3%) تتجاوز ما كانت تنشره المؤسسات الرسمية سابقا. وتمارس هذه النسبة العالية من البطالة ضغطا على العاملين/ت يجبرهم هن على قبول هضم الحقوق والعمل في شروط تنعدم فيها الوقاية من المؤثرات السلبية على الصحة في أماكن العمل، ويضعف قدرتهم هن على التنظيم النقابي”.
كما تؤدي النسبة المرتفعة لبطالة الشباب، وفق ذات البيان، إلى انتشار العمل المجاني تحت قناع التدريب ومع ارتفاع نسبة البطالة تتنامى أيضا قطاعات الهشاشة المفرطة، لاسيما بواسطة مقاولات التشغيل المؤقت، حيث باتت قاعدة للتشغيل في قطاع الخدمات مثل الحراسة والنظافة..، مما يتيح استغلال اليد العاملة الشديد في ظروف عمل متردية ومحفوفة بالمخاطر وتمثل النساء الضحية الأولى لأشكال الهشاشة وتكثيف الاستغلال فوق ما يتحملن من أعباء إعادة إنتاج قوة العمل في ظل التردي العام للخدمات العمومية.
و أضافت الشبكة أن هذه الأوضاع تفسر جزئيا النسبة العالية لحوادث الشغل المنتشرة برا وبحرا والتي تقدر ب 50.000 ضمنها 3000 حالة وفاة سنويا، خصوصا في الصيد البحري والفلاحة والمعادن وقطاع البناء والأشغال العمومية الذي قد يشهد كوارث عمالية جديدة، نتيجة لتسريع وتيرة الأشغال في أوراش مونديال 2030 ويحول ضعف جهاز تفتيش الشغل، وإهماله المقصود من طرف الدولة إلى استحالة تطبيق تشريعات العمل في القسم الأعظم من النسيج الاقتصادي.
واشارت الشبكة إلى أنه “مع مجمل هذا القهر الطبقي تظل الأجور متخلفة جدا عن اللحاق بارتفاع الأسعار المهول، مع رفض الدولة تلبية مطلب طالما رفعته الحركة النقابية أي السلم المتحرك للأجور والأسعار، الذي ظل على الورق منذ سنه في 1959 إلى إلغائه في مدونة الشغل سنة 2003 مما يضطر الشغيلة الى ضبط حاجياتها بالتخلي عن استهلاك العديد من المواد الغذائية وغيرها أو خفض الكميات المستهلكة”.
واعتبرت “تقاطع” أن “الوضع لا يطاق، لاسيما من طرف شغيلة القطاع الخاص، تفرضه الحرب على العمل النقابي وعلى المقاومة العمالية، بالطرد التعسفي وباستعمال الفصل 288 من القانون الجنائي ( عرقلة حرية العمل المزعومة)، وهي الحرب المشتدة بقانون الإضراب الذي سيلغي عمليا هذا الحق بما أحاطه من شروط تجعله مفرغا من محتواه الضاغط”.
وإذا كان قانون الإضراب، الذي يهدف إلى تجريد الطبقة العاملة من أحد أسلحتها الدفاعية، قد يشجع أرباب العمل على تشديد الاستغلال وفرض ظروف عمل قاسية، يضيف البيان، فإنه حتما سيدفع الشغيلة الى ابتكار أشكال جديدة للمقاومة تلتف على مختلف القيود القمعية”.
وأضاف البيان أنه “منذ توقيع اتفاق 26 أبريل 2011 تتابع الشغيلة المغربية، بقلق وغضب شديدين، ما آل إليه الحوار الاجتماعي من تشويه مقصود من طرف مؤسسات الدولة ووسائلها الدعائية، ويتجلى استخفاف الحكومة بالحوار الاجتماعي في عدم احترامها لدوريته، والإلغاء المتكرر لمواعدها مع المركزيات النقابية دورات شتنبر التي تسبق المصادقة على قوانين المالية)، وفي استدعاء النقابات دون اقتراح جدول أعمال محدد”.
ومن أوجه هذا الاستخفاف، يردف البيان، عدم تنفيذ الحكومة لالتزاماتها إزاء الشغيلة المنصوص عليها في الاتفاقات الاجتماعية السابقة، منها عدم توحيد الحد الأدنى للأجور في القطاعين الصناعي والفلاحي وعدم تخفيف الضغط الضريبي على الأجور.
وشددت الشبكة على أن الحوار الاجتماعي لا يستقيم دون اعتراف أطرافه ببعضهم البعض، أي الاعتراف المتبادل بحقهم في الوجود، والحال أن رفض الدولة المغربية الانضمام للاتفاقية الدولية رقم 87 حول الحرية النقابية هو في جوهره إنكار لوجود النقابة كطرف أساسي في أي تفاوض اجتماعي، مما يمس بمصداقية الحوار الاجتماعي ويفسر استهانة الحكومة بالتزاماتها الواردة في الاتفاقات الاجتماعية السابقة للتذكير فإن التزام الحكومة بالمصادقة على الاتفاقية رقم 87 ورد في الاتفاقات الاجتماعية المتتالية من فاتح غشت 1996 إلى 26 أبريل 2011.
وهنأت شبكة “تَقَاطع” للدفاع عن الحقوق الشغلية، الطبقة العاملة المغربية بعيدها الأممي لفاتح ماي 2025، مؤكدة على دعمها المطلق لنضالات الشغيلة المغربية من أجل تحقيق مطالبها العادلة، ودعت مختلف التنظيمات النقابية وسائر هيئات النضال المهني إلى توحيد جهودها لتشكيل ميزان قوى لصالح الشغيلة كشرط للحفاظ على مكاسبها المستهدفة وتحقيق مطالبها المشروعة.