
تعيش منظومة الإمتحانات الإشهادية، خاصة في الإمتحانين الجهوي والوطني لنيل شهادة البكالوريا، على وقع ظاهرة آخذة في التفاقم تتعلق بطلبات الإستفادة من “تكييف مواضيع الامتحانات”، والتي من المفترض أن تكون موجهة حصريا لفائدة التلاميذ في وضعية إعاقة، غير أن معطيات حصلت عليها صحيفة “المراكشي”، تشير إلى أن هذه الامتيازات التربوية قد تحوّلت في بعض الحالات إلى “باب خلفي” لتحايل أسر ومؤسسات من أجل تسهيل النجاح لتلاميذ لا يعانون من أي إعاقة فعلية.
وحسب مصادر مطلعة للصحيفة، فإن نسبة تقارب 99 بالمائة من التلاميذ المستفيدين من هذه “المواضيع المُكيفة” ينتمون إلى مؤسسات التعليم الخصوصي، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى احترام الشروط والمعايير التي حددتها الوزارة في مذكرتها الرسمية الصادرة برسم الموسم الدراسي 2024-2025.
وتفيد نفس المصادر بأن بعض المؤسسات التعليمية تلجأ إلى تخصيص “مرافقين” لهؤلاء التلاميذ داخل قاعات الإمتحان، يتم انتقاؤهم بعناية فائقة وغالبا ما يكونون من المتفوقين، حيث يُتهم بعضهم بالإجابة عن أسئلة الامتحان بدلا من التلميذ المعني، في غياب رقابة صارمة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن طريقة تكييف الاختبارات تتضمن في بعض الحالات اعتماد منهجيات تقييم مبسطة، مثل نظام “صحيح أو خطأ”، بدلا من الأسئلة التحليلية التي تُعرض على باقي المترشحين، وهو ما يُفقد مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين مصداقيته.
و إذا كانت الوثائق المطلوبة للإستفادة من هذا التكييف، كما تنص عليها المراسلة الوزارية، تشمل ملفا طبيا دقيقا يوضح نوع الإعاقة، على أن يُصادق عليه طبيب الصحة المدرسية، بالإضافة إلى تقرير مجلس القسم وتعبئة مجموعة من النماذج الإدارية واللوائح الرسمية، فإن بعض أولياء الأمور -وفق افادة مصدر مطلع للصحيفة- يعمدون إلى استصدار شواهد طبية من أطباء خواص تُفيد بوجود “صعوبات تعلم” أو “اضطرابات نفسية”، بهدف تمرير أبنائهم ضمن لائحة المستفيدين.
وفي غياب معطيات رقمية رسمية حول عدد التلاميذ المستفيدين من المواضيع المكيفة سنويا، يصعب تقدير حجم الظاهرة بدقة، لكن تفاقمها، بحسب ملاحظات متكررة من ميدانيين في قطاع التعليم، بات يهدد نزاهة الامتحانات الوطنية، ويطرح تساؤلات مشروعة حول مدى التزام المؤسسات التعليمية -خصوصا الخاصة منها- بالضوابط التربوية والأخلاقية.
تفاقم الظاهرة جعل أصوات تربوية تطالب بضرورة إعادة النظر في منظومة تكييف الإمتحانات، وتعزيز آليات الرقابة الإدارية والطبية، وتحيين معايير الاستفادة لضمان عدم حرمان تلميذ مستحق بشكل فعلي من حقه، وعدم منح امتياز لتلميذ على حساب آخر بسبب ممارسات غير نزيهة.