
أدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، بشدة الأحكام الصادرة في قضية الشاب ياسين الشبلي الذي توفي خلال اخضاعه لتدابير الحراسة النظرية بمقر الأمن الإقليمي بابن جرير، واصفة اياها بكونها “صادمة ومجانبة لقواعد العدل والانصاف”.
الجمعية التي تنتصب طرفا مدنيا في الملف وتؤارز أسرة الضحية أمام القضاء من خلال عدد المحامين، قام نشطاء منها بزيارة تضامنية لعائلة الشاب ياسين الشبلي التي تخوض اعتصاما منذ يوم 23 أبريل 2025 احتجاجا أمام المحكمة الابتدائية على “الأحكام القضائية الغير المنصفة والغير العادلة، وللمطالبة بالحقيقة والحصول على الأشرطة المسجلة التي تؤكد وقوع جريمة التعذيب”، وفق بيان للجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش.
وأشارت الجمعية في بيان لها عقب زيارة تضامنية لمعتصم أسرة الشبلي بابن جرير، أنه “منذ صدور الحكم من طرف المحكمة الابتدائية بابن جرير يوم 23 أبريل 2025 ، في حق ثلاث متهمين من رجال الشرطة والقاضي بإدانة الأول بثلاث سنوات ونصف سجنا نافذا ، وفي حق الثاني بسنتين ونصف حبسا نافذا، والثالث بالبراءة ، وعائلة الفقيد ياسين الشبلي ضحية التعذيب المفضي للموت بالدائرة الامنية بابن جرير يوم 6 أكتوبر 2022 ، تخوض اعتصاما امام مقر المحكمة الابتدائية، مطالبة بحقها في تسلم نسخة من الأقراص المتضمنة لتسجيلات الكاميرات التي توثق العنف و التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الى حد القتل الذي تعرض له المرحوم ياسين الشبلي”.
و أضافت الجمعية أنها “كانت تطمح إلى أن يسلك القضاء باعتباره آلية لحماية حقوق الإنسان، طريقا سليما للوصول للحقيقة، وذلك بإعطاء الأفعال التكييف القانوني الصحيح و اعتبارها جنايات مادام التعذيب موثقا بالصوت و الصورة”.
و أوضحت الجمعية الحقوقية، أنه “في يوم 23 أبريل 2025، استكملت المحكمة الابتدائية عرض أشرطة الفيديو المسجلة بالكاميرات الصدرية لرجال الشرطة الذين أوقفوا الضحية، و كذا الأشرطة المسجلة بمقر المنطقة الإقليمية للشرطة بابن جرير، والتي تبين أن الضحية ياسين الشبلي، تعرض منذ لحظة توقيفه للصفع والركل والرفس بعدما تم تصفيد يديه للوراء بدون أدنى قدرة على المقاومة”، مضيفة أنه “رغم إغلاق باب الزنزانة (غرفة الأمان) فقد تركت يداه مصفدتان للخلف لمدة تفوق ست ساعات تقيأ خلالها أكثر من مرة و ظل يتمرغ فوق قيئه من شدة الألم، و بعد أن خارت قواه تم نقله للمستشفى و أرجع في أقل من 20 دقيقة لنفس الزنزانة، لتستأنف حصص تعذيبه بشكل آخر من خلال تصليبه في وضعية وقوف على شكل T بباب الزنزانة، وتعريضه لضربة قوية على مؤخرة رأسه من طرف شرطي يحمل جسما لم يظهر جيدا في الفيديو، ثم يعيد ضربه بركلة أقوى برجله على مستوى فخديه من الخلف رغم أنه مصلب اليدين ولا يقوى الحركة”.
وأضافت الجمعية في بيانها، أن “حصة التعذيب استمرت عبر الإستعانة بشرطي آخر، لفك أصفاد الضحية وتحويل وضعيته، من وضعية الوقوف على شكل حرف T إلى وضعية أسوأ و أكثر إيلاما تشبه وضعية الوقوف على شكل حرف Y، اذ يقف على أصابع رجليه لتستمر هاته الوضعية حوالي ربع ساعة إلى أن انهار بشكل نهائي، فيتدخل أحد رجال الشرطة لفك قيده ليجد القتيل نفسه غير قادر على الوقوف ثم يستلقي على جانبه الأيسر دون حركة إلى الأبد”.
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، أن “هناك ما يكفي من أدلة للقول بحدوث التعذيب خاصة ما عرض من أشرطة وما ورد في محضر انتقال ومعاينة المنجز يوم 07اكتوبر 2022 من طرف النيابة العامة بناء على أمر الوكيل العام للملك بمراكش بمستودع الأموات الجماعي بمراكش، والذي يبرز العديد من آثار العنف والتعذيب في أنحاء و أجزاء مختلفة على جسد الضحية ياسين الشبلي”.
كما اعتبرت الجمعية أن “رفض القضاء تسليم الأقراص لأسرة الفقيد، لا يرتكز على أي أساس قانوني بل يشكل انتهاكا سافراً لحقوق الدفاع، وأسلوبا آخر للإلتفاف على الحقيقة، وانتهاكا لركائز المحاكمة العادلة والتي تبدأ منذ لحظة الايقاف إلى حين النطق بالحكم”، كما اعتبرت أيضا “الأحكام القضائية بكونها تعد اعتداء على الأمن القضائي لعائلة المرحوم ياسين الشبلي وللمجتمع برمته، وانتصارا للعنف والتعذيب وللانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان”.
وترى الجمعية أن “القضاء داس على الدستور في بابه المتعلق بالحريات والحقوق، و الشرعة الدولية لحقوق الانسان، والتزامات الدولة، خاصة المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة التي تلتزم بمقتضاه الدول المصادقة على الاتفاقية باتخاذ إجراءات قضائية فعالة لمنع أعمال التعذيب”.
و أدانت الجمعية بـ”شدة الأحكام القضائية غير العادلة والبعيدة عن قواعد الإنصاف، والمشجعة لانتهاكات حقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز، وخاصة ممارسة العنف والتعذيب التي تعد حسب المعايير الدولية لحقوق الانسان من أشد وأقسى الانتهاكات، والتي تتطلب الجزاءات الزجرية الصلبة لتفادي عدم التكرار ووضع حد للافلات من العقاب”.
وطالبت الجمعية القضاء بتسليم الأسرة والدفاع كل الأقراص المعروضة أمام المحكمة، مؤكدة على “ضرورة الاستجابة لطلب الأسرة بإجراء خبرة تقنية محايدة على التسجيلات، للتأكد من عدم استعمال الرقابة والبتر بشأنها أو التلاعب في محتواها لطمس الحقيقة، وضرورة الاحتكام الى التسجيلات وتقرير المعاينة لتكييف الأفعال وتحديد صك المتابعة”
وعبرت عن “استهجانها قرار المحكمة القاضي برفض المطالب المدنية من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والذي يعد سابقة في تاريخ القضاء المغربي ومؤشرا دالا على الزج بالقضاء في متاهات الحصار والتضييق الذي يطال الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ سنة 2014 من طرف الدولة”.
وأكد رفاق غالي على “رفضهم لاستعمال القضاء كأداة لتبييض سجل السلطات التنفيذية في مجال انتهاكات حقوق الانسان”، وطالبوا “المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإعمال صلاحياته، و الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، القيام بمهامهما للكشف عن الحقيقة والتحقيق في قضايا التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
و أكدت الجمعية “تشبثها التام بمؤازرة أسرة الفقيد، والاستمرار في التنصيب كطرف مدني لفائدة الحق والقانون”، معلنة “تمسكها بسلك جميع المساطر القانونية الشرعية والمشروعة، ولجوؤنه لكافة الآليات الاممية ( اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي ستعقد دورتها ابتداء من يونيو 2025 ، ولجنة مناهضة التعذيب المعنية بترصد تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب لدى الدول الأطراف في الاتفاقية، و أيضا المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة)”.