أعلن “تيار التغيير الديمقراطي” مقاطعة أشغال المؤتمر الوطني الخامس للحزب الإشتراكي الموحد، والمقرر عقده أيام 20 و21 و22 أكتوبر 2023، وذلك احتجاجا على ما أسماه “الاختلالات الجوهرية والتجاوزات القانونية التي شابت عملية الإعداد للمؤتمر، وإلحاح قيادة الحزب بشكل غير ديمقراطي تماما، على رسم معالم المؤتمر، وحسم نتائجه الانتخابية والتنظيمية والفكرية والسياسية مسبقا”.
و تطرق التيار في بلاغ اخباري عقب اجتماع عقده يومي السبت والأحد 14 و15 أكتوبر، إلى بعض أهم الملاحظات المتعلقة بالإعداد للمؤتمر الوطني الخامس للحزب، والاختلالات والتجاوزات القانونية التي وقف عليها، وحاول ما أمكن التصدي لها في حينها، دون أن يفلح في ذلك بحسب البلاغ.
وأكد البلاغ أن تيار التغيير الديمقراطي انسحب منذ شهر ماي 2023، من أشغال اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الخامس وعلق عضويته فيها وأصدر بلاغا داخليا آنذاك بشأنها، احتجاجا على الإعداد للمؤتمر وفق عقلية ومنهجية هيمنية، وفي خرق تام وواضح للقوانين الداخلية التي من المفروض أنها تضمن “مساواة الأعضاء داخل الحزب في الحقوق والواجبات” كما ورد في المادة 4 من القانون الأساسي وفي غيرها من المواد.
وأشار التيار إلى أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر، تحولت للأسف إلى خلية عمل تابعة لتيار “القيادة”، تستخدمها كليا في إعداد أوراقها وتوجهاتها الفكرية والسياسية (أرضية السيادة الشعبية) التي تريد أن تفرضها ـ بشكل غير ديمقراطي ـ على جميع أعضاء الحزب في المؤتمر، والحال يضيف البلاغ، أن اللجنة التحضيرية ليس من اختصاصها ذلك. اللجنة التحضيرية تستقبل الأرضيات داخل الأجل الذي يحدده المجلس الوطني، ولا تُعِدّها كما فعلت هي!
ولفت البلاغ إلى أنه من “المفروض أن هذا الجهاز (اللجنة التحضيرية)، يمثل كافة أعضاء الحزب، محايد تماما، ولا يخدم أي تيار أو رؤيا أو توجه سياسي محدد. يعمل ـ وفق القانونين الداخلي والأساسي ـ على استقبال أرضيات مكتوبة وموقعة من طرف أي مجموعة من أعضاء الحزب، تعكس وجهة نظر فكرية وسياسية واقتصادية وتنظيمية، ويرسلها لمناضلي الحزب في الفروع والجهات كافة، قصد دراستها ومناقشتها، والتصويت عليها بعد ذلك من قبل المؤتمرات والمؤتمرين وفق قناعتهم خلال المؤتمر، غير أن اللجنة التحضيرية وفي وفي تحريف تام لاختصاصها، وفي خرق سافر لقوانين الحزب الداخلية، ورغم اعتراض التيار الشديد على ذلك، أفرزت “أرضية السيادة الشعبية” التي أطرتها قيادة الحزب مباشرة وعلانية، من أجل عرضها على أشغال المؤتمر!
وفي تناقض صارخ أيضا، يضيف البلاغ، وعوض تقديم “أرضية السيادة الشعبية” التي أعدتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني باسمها كما كان يجب أن يكون شكليا على الأقل، وتوقيعها من قبل منسقة اللجنة التحضيرية باعتبار أن هذه الأخيرة هي التي قامت بإعدادها، فقد حملت توقيع أربعين عضوا من أعضاء الحزب من بينهم من لا ينتمي أصلا للجنة التحضيرية التي أعدتها، وكان على رأس الموقعين منسقة الأرضية، الرفيقة الأمينة العامة للحزب، وهذا غريب ومناقض لواقع الحال وللحقائق والشكليات والقوانين المتعارف عليها!
وأشار التيار إلى أن هناك أيضا، هناك حالة تنافي صارخة أثرت بشكل سلبي جدا على ديمقراطية الإعداد للمؤتمر وتوازن قراراته، تتجلى في كون الموقعين على “أرضية السيادة الشعبية” المتنافسة مع “أرضية التغيير الديمقراطي”، هم أنفسهم المحتكرون والمتحكمون في كل القرارات المرتبطة بالإعداد للمؤتمر وفي أجهزته التقريرية والانتخابية، ولا يمكن أن يكونوا محايدين، وهذا ما أثبتته الوقائع فيما بعد، بالملموس وعلى أرض الواقع، فالأمينة العامة للحزب، هي أول الموقعين على “أرضية السيادة الشعبية” وهي منسقتها الرسمية، ولم تكن على الإطلاق حيادية بصدد التعبئة للأرضيتين، ومنسقة “اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الخامس” التي يفترض أن تكون حيادية بشكل تام، موقعة على “أرضية السيادة الشعبية”، ويهمها أن تستحوذ أرضيتها على الإعداد للمؤتمر، ومنسق “لجنة الإشراف الوطنية لانتداب المؤتمرين والمؤتمرات” التي تحدد مصير المؤتمر ككل قبل حتى انعقاده، والتي كان يجب أن تكون حيادية تماما، موقع هو الآخر على أرضية السيادة الشعبية، ويهمه طبعا انتداب المؤتمرات والمؤتمرين الذين يصوتون لصالح أرضيته أثناء المؤتمر.
ولفت التيار إلى أن منسق لجنة الإشراف لانتداب المؤتمرين والمؤتمرات، الموقع على أرضية السيادة الشعبية، هو نفسه منسق لجنة التنظيم الوطنية، ومنسق “سكرتارية المجلس الوطني” التي تشتغل اللجنة التحضيرية ولجنة الإشراف على انتداب المؤتمرات والمؤتمرين تحت إشرافها، هو أيضا موقع على “أرضية السيادة الشعبية”، ويهمه أن تحصل على أكبر عدد من الأصوات داخل المجلس الوطني والمكتب السياسي المقبلين، وهذا يظهر جليا، وفق البلاغ، تبادل الأجهزة والمواقع بين قادة الحزب والموقعين على “أرضية السيادة الشعبية”، لتوجيه أشغال المؤتمر والتحكم في إعداده ومخارجه كليا!.
ومن بين الإختلالات التي أوردها البلاغ، رفض “لجنة الإشراف الوطنية لانتداب المؤتمرين والمؤتمرات للمؤتمر”، إشراك ممثل “أرضية التغيير الديمقراطي” في أشغال اللجنة، وامتنعت عن تزويده كليا، كما تقتضي المساطر القانونية والأعراف الديمقراطية ذلك، بالخريطة التنظيمية للفروع، وبلوائح العضوية لمختلف الفروع الوطنية، التي سوف تُعتمد في عملية انتداب المؤتمرات والمؤتمرين وإحصائهم، كما رفضت مده بمحاضر التجمعات العامة للفروع التي تمت فيها عملية الانتداب، وهو الأمر الذي أكد منسق لجنة الإشراف واللجنة الوطنية للتنظيم، أنه تم بتعليمات مباشرة من أعضاء المكتب السياسي!
وأضاف التيار أنه قام في هذا الصدد بعدة اتصالات وبعث بعدة مراسلات وشكايات لتصحيح الوضع، للمكتب السياسي واللجنة التحضيرية للمؤتمر وسكرتارية المجلس الوطني، ولم يتلق منهم كما هي العادة دائما أي رد! لذلك انسحب من هذه اللجنة رسميا نهاية شهر شتنبر 2023.
وأكد التيار أن عملية انتداب المؤتمرات والمؤتمرين في غالبية الفروع، شابتها تجاوزات عديدة وكان متحكما فيها ومفبركة، حيث اعتمدت لوائح غير نظامية ومطعون فيها تماما.. عدد من فروع الحزب اعتمدت أسماء لا ينتمون بتاتا للحزب، ولوائح لا علاقة لها بلوائح انخراط سنة 2022، التي تم اعتمادها لانتداب المؤتمرين والمؤتمرات، كما أن عملية الانتداب في العديد من الفروع تمت دون احترام لمسطرة الانتداب، حيث كان هاجس قيادة الحزب والأجهزة التابعة له هو إبعاد وعرقلة المتعاطفين مع “أرضية التغيير الديمقراطي” بأي ثمن، من أجل إقصائها في المؤتمر، في الوقت الذي تمت فيه إجازة “أرضية السيادة الشعبية” وقبولها من قبل أعضاء اللجنة التحضيرية ولجنة التحكيم، رغم أنها لم تسلم لهما كاملة في الآجال المحددة لذلك، كما يفترض ديمقراطيا أن يكون!
و أشار البلاغ إلى منع منسق “أرضية التغيير الديمقراطي” حميد مجدي ـ دون منسقة “أرضية السيادة الشعبية” نبيلة منيب ـ من المشاركة في الندوة التي كان يفترض أن تناقش أرضيتي الحزب المقترحتين على المؤتمر الخامس يوم السبت 30 شتنبر 2023 بفاس، ساعات قبل انعقادها، رغم الإعلان عنها للعموم وفي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وفي صفحات الحزب.. ورغم دعوة حميد مجدي لها سلفا ورسميا من قبل منسقة اللجنة التحضيرية للمؤتمر سميرة بوهية وكاتب جهة فاس مكناس للحزب الاشتراكي الموحد الرفيق، حيث كان مبرر المنع بحسب البلاغ هو: انتقاد “أرضية التغيير الديمقراطي” لقيادة الحزب.
كما أشار البلاغ إلى مقاطعة الأمينة العامة للحزب ومنسقة “أرضية السيادة الشعبية” نبيلة منيب وبقية أعضاء المكتب السياسي، لعرض منسق “أرضية التغيير الديمقراطي” حميد مجدي، وانسحابهم الجماعي من القاعة في الندوة الداخلية التي نظمها المكتب الجهوي الدار البيضاء سطات بالمقر المركزي للحزب بالدار البيضاء يوم الأحد 8 أكتوبر 2023، وعودتهم للقاعة بمجرد نهاية دور “أرضية التغيير الديمقراطي” في النقاش!
والغريب أيضا في الأمر، يضيف البلاغ، أن الأرضيتين المعروضتين على المؤتمر، والمتبارى بشأنهما، وفي سابقة من نوعها، لم يتم على الإطلاق طبعهما على الورق، رغم أنهما يشكلان أهم عنصر محدد أثناء المؤتمر وبعد المؤتمر! وورد في تعميم وُزع بتاريخ 8 أكتوبر 2023، على عضوات وأعضاء المجلس الوطني، ومكاتب فروع الحزب الجهوية والمحلية والمؤتمرات والمؤتمرين، أنه لن يتم طبعهما أثناء أشغال المؤتمر أيضا بسبب ـ حسبما يدعي المكتب السياسي، رغم أن ذلك من اختصاص اللجنة التحضيرية وليس من اختصاصه ـ “ترشيد صرف الميزانية التي بين أيدينا لتدبير متطلبات إنجاح المؤتمر، فضلا عن الحس البيئي الداعي إلى تقليص استعمال الورق..”. مما يبين إلى أي حد أرادت القيادة، تمرير مؤتمر شكلي فقط متحكم في مخرجاته الفكرية والسياسية والتنظيمية والانتخابية، قبل حتى انعقاده!، بحسب نص البلاغ.
ولفت البلا غ أيضا إلى أن رسوم المؤتمر التي تم اعتمادها، إقصائية وغير مستساغة وغير عادلة، وحرمت العديد من مناضلي الحزب البسطاء في الهامش على الخصوص، من المشاركة في المؤتمر، لما يتطلب ذلك من مساهمات وأداءات ومصاريف لا قبل لهم بها على الإطلاق..، وتساءل التيار ما معنى مثلا أن يؤدي مؤتمرو المركز القريبون جدا من مكان أشغال المؤتمر ـ الدار البيضاء أو الرباط أو بوزنيقة.. ـ نفس القدر الذي يؤديه المؤتمرون البعيدون عن المركز كاليوسفية وابن جرير وقلعة السراغنة وأسفي وغيرها؟ (400 درهم كرسم فقط للمؤتمر)!
وأشار البلاغ إلى أن التيار وكأعضاء في المجلس الوطني وكفروع، قام ومنذ اللحظات الأولى للإعداد للمؤتمر، بالاتصالات اللازمة مع قيادة الحزب ومختلف أجهزته، وكاتبهم جميعا غير ما مرة عبر قنوات الحزب الرسمية، ونبههم إلى الانحراف التنظيمي والديمقراطي للإعداد للمؤتمر، وخرقه للقوانين الداخلية، وقام بالتنبيه لذلك والاحتجاج عليه في حينه، وبعد أن ظهر له بالملموس عدم اهتمام قيادة الحزب بذلك، وتواطأ ممثلي جميع أجهزة الحزب التنظيمية، وعدم تجاوبهم مع مبادراته وملاحظاته، وعدم الرد عليه في الحد الأدنى، بل مرت القيادة وأجهزتها للسرعة القصوى مع اقتراب أشغال المؤتمر، في خرق القانون وضرب الأعراف الديمقراطية، ومحاصرة “أرضية التغيير الديمقراطي” لكيلا تصل مضامينها إلى المناضلين، على قدم المساواة مع “أرضية السيادة الشعبية”، وتبين للتيار للأسف بالملموس، عدم تحمل قيادة الحزب للنقد، وضيق صدرها من الاختلاف في الرأي، ومحاربتها ومحاصرتها خفية وعلانية، لـ “أرضية التغيير الديمقراطي” التي لا تسير في نفس الركب التي تريده لها هذه القيادة، وبعد أن استنفد جميع الإمكانيات الداخلية اللازمة، واتضح له بالملموس أن المؤتمر ليس منتجا، ولن يكون إلا صوريا فقط، وحسمت نتائجه الانتخابية والتنظيمية والفكرية والسياسية مسبقا، قرر أعضاء “تيار التغيير الديمقراطي”، المتشبثون دائما بالحزب الاشتراكي الموحد، مقاطعة “تيار التغيير الديمقراطي” لأشغال المؤتمر الوطني الخامس، وسحب أرضيته المعروضة على مؤتمر محسومة نتائجه مسبقا، من المنافسة في المؤتمر الوطني الخامس، كما تقرر حل “تيار التغيير الديمقراطي”.