انعقد الجمعة بمقر عمالة إقليم الصويرة، لقاء تشاوري موسع حول إعداد الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، وذلك بمشاركة ثلة من المسؤولين والفاعلين المحليين.
ويندرج هذا اللقاء، الذي ترأسه عامل الإقليم محمد رشيد، في إطار تفعيل التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز الماضي، والخطاب الملكي الموجه للبرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة للولاية الحادية عشرة، والداعية إلى إعادة النظر في السياسات العمومية الترابية.
وفي كلمة بالمناسبة، أبرز عامل الإقليم الأهمية الحاسمة لهذا اللقاء الذي “يأتي في سياق وطني يتسم بإرادة لإرساء آليات جديدة للتخطيط الترابي”، مسجلا أن برامج التنمية باتت مطالبة بأن تُصاغ بطريقة مندمجة ومنسجمة، ووفق مقاربة تقوم على الالتقائية مع الأوراش الاستراتيجية الكبرى التي أطلقها المغرب، قصد الاستجابة الناجعة للأولويات المحلية ومواكبة التحولات الجارية.
وشدد في هذا السياق، على ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية قوامها الإصغاء لمطالب الساكنة والتشاور الواسع، باعتباره “مدخلا أساسيا” لبناء برامج تنموية ذات أثر ملموس، تتماشى مع الخصوصيات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية لإقليم الصويرة، الذي يغلب عليه الطابع القروي ويضم 57 جماعة، حيث يعيش 74 في المائة من ساكنته في الوسط القروي.
وبعد أن ذكر بأن الإقليم يزخر بشريط ساحلي يمتد على نحو 150 كيلومترا، أبرز السيد رشيد المؤهلات الهامة التي توفرها هذه الواجهة البحرية في مجال التنمية المندمجة، خصوصا في ميادين الصيد البحري، والسياحة المستدامة، والطاقات المتجددة، وتثمين الموارد الطبيعية.
وأكد أن الجيل الجديد من البرامج “يتعين أن يعتمد رؤية شمولية لتدبير وحماية الساحل، مع السهر على التوفيق بين الجاذبية الاقتصادية وصون النظم البيئية وتعزيز القدرة على التكيف مع آثار التغير المناخي”.
وأشار إلى أن المناطق القروية والجبلية والنائية، التي تمثل الفضاءات الغابوية 46 في المائة من مساحتها، تحتاج إلى عناية خاصة من خلال إطلاق مشاريع مهيكلة قادرة على تقليص الفوارق المجالية، وتحسين الخدمات الأساسية، وتعزيز الإدماج السوسيو-اقتصادي، لاسيما في صفوف الشباب والنساء بالعالم القروي.
من جهة أخرى، أوضح المسؤول الترابي أن مشاورات موسعة انطلقت، تنزيلا للتوجيهات الملكية السامية، عبر مختلف مناطق الإقليم من أجل استقاء حاجيات الساكنة وضمان انخراط فعلي للفاعلين المحليين، مشيرا إلى أن حصيلة المراحل المنجزة تشمل عقد 84 اجتماعا ولقاء تشاوريا، و57 زيارة ميدانية ولقاءات مع المجالس الجماعية، تم خلالها الإنصات لأكثر من 895 منتخبا، وإحصاء 1471 طلبا واقتراحا ومشروعا.
ودعا عامل الإقليم المشاركين إلى “الانخراط الفعلي في الورشات الموضوعاتية المبرمجة، للمساهمة في إعداد برنامج ترابي مندمج وواقعي وطموح، قائم على مقاربة تشاركية موجهة نحو النتائج، وقادرة على تلبية انتظارات المواطنين، مع تعزيز الجاذبية الاقتصادية وتقوية تنافسية المجال الترابي والحفاظ على التراث الثقافي البارز للصويرة”.
إثر ذلك، تابع الحضور عرضا قدمته الإطار بعمالة الإقليم، صفية عدلاني، تناولت فيه معطيات إحصائية ومؤشرات اجتماعية وأرقاما محورية حول الإقليم، مبرزة المكتسبات المسجلة خلال العقد الأخير، والذي شهد إنجاز 1759 مشروعا، منها 619 مشروعا في مجال البنيات التحتية، و614 مشروعا اقتصاديا، و526 مشروعا اجتماعيا، باستثمارات إجمالية تفوق 16 مليار درهم.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أشاد رئيس جمعية “موكا كرين” العاملة في المجال الإيكولوجي، هشام أكورض، بهذه المبادرة التشاورية التي تعد “خطوة تشاركية عصرية لإعداد البرامج الترابية المندمجة، من شأنها إشراك النسيج الجمعوي والمنتخبين والسكان في تحديد الأولويات والحلول الملموسة للإقليم”.
من جهتها، شددت الأخصائية في أمراض القلب ورئيسة جمعية “سند”، أسماء بن عليل، على “ضرورة إيلاء عناية خاصة لقطاع الصحة العمومية بالإقليم، من خلال تقريب الخدمات الصحية من المواطنين، وتقليص لوائح الانتظار في مختلف التخصصات الطبية، وضمان ولوج منصف للعلاجات، لاسيما في الوسط القروي”.
بدورها، عبرت الطالبة بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بالصويرة، زينب بن سعدي، عن “سعادتها الكبيرة” بالمشاركة في هذا اللقاء الذي “أتاح فرصة لشباب الإقليم للتعبير عن تطلعاتهم وانتظاراتهم، بهدف المساهمة بفعالية في إعداد برامج تنموية تتلاءم مع الحاجيات الحقيقية للصويرة وتقدم أفكارا مبتكرة”.
وفي ختام هذا اللقاء، دُعي المشاركون إلى سلسلة من الورشات الموضوعاتية شملت قطاعات التعليم والصحة والتشغيل وغيرها، والتي شكلت فضاء لتبادل الآراء حول الإكراهات والتحديات وآفاق التنمية، بهدف صياغة توصيات عملية وقابلة للتنفيذ من شأنها توجيه إعداد برامج ترابية مندمجة، تضمن تنمية شاملة ومنصفة ومستدامة على مستوى هذه الرقعة من التراب الوطني.
المراكشي/ و م ع
