وطني

معرض الكتاب بالرباط.. ندوة تستعرض آفاق الشعر العربي في الفضاء الرقمي

ناقش باحثون وشعراء، اليوم السبت، موضوع “استعادة الشعر العربي بالوسائط التكنولوجية”، وذلك خلال ندوة فكرية التأمت في إطار الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب المقامة حاليا بالرباط، وشكلت مناسبة لاستعراض آفاق القصيدة العربية في الفضاء الرقمي.

وأبرز المشاركون في هذا اللقاء الأدوار المتجددة التي باتت تضطلع بها التكنولوجيا والوسائط الرقمية في إحياء القصيدة العربية، وتوسيع دائرة تفاعل الجمهور معها، سيما في صفوف الأجيال الجديدة.

وشدد المشاركون في هذا الصدد، على ضرورة الاستثمار الأمثل للوسائط الحديثة في التعريف بمنجز الشعراء العرب قديما وحديثا، وتوسيع نطاق نشرها بأساليب تواكب الثورة الرقمية التي يشهدها العصر الحالي.

وفي هذا السياق، أكدت الكاتبة والباحثة في الأدب الرقمي، زهور كرام، أن الحديث عن استعادة الشعر العربي لا يمكن أن يتم بمعزل عن الثورة الرقمية الخامسة التي نعيشها منذ سنة 2020، والتي تعرف بثورة الذكاء الاصطناعي التعاوني، موضحة أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد محاكاة للعقل البشري، بل أصبح “شريكا فعليا” للإنسان في التعبير والإبداع.

وسجلت كرام أن من مظاهر هذا الذكاء التعاوني هناك إمكانية استعادة أصوات شعراء راحلين عبر تقنية “الاستنساخ الصوتي”، وتمكينهم من إحياء أمسيات شعرية جديدة بأصواتهم الأصلية، إضافة إلى تقنية “الميتافيرس” التي تتيح إقامة أمسيات شعرية افتراضية بحضور “أفاتار” الشاعر والمتلقي معا، والتجول داخل معارض شعرية رقمية بطريقة تفاعلية، تدمج الحس الجمالي مع إمكانات التقنية.

وأكدت كرام أن الشعر العربي لا يعيش أزمة إبداع، بل أزمة مواكبة الوسائط الجديدة، مشيرة إلى أن استمرار حضوره رهين بتحديث الأدوات وتجديد أنماط التفاعل معه، بما يضمن انتقاله من جيل إلى آخر، ويخرج القصيدة من ضيق الورق إلى رحابة الفضاء الرقمي.

وفي السياق ذاته، شددت على أن العلاقة بين التكنولوجيا والأدب العربي لا تزال ضعيفة، داعية إلى ضرورة تغذية المحتوى العربي، وخاصة الشعري، ضمن أنظمة الذكاء الاصطناعي، حتى لا نبقى فقط مستهلكين لهذه الوسائط، بل مساهمين فعليين في تشكيل محتواها الرمزي والمعرفي.

من جانبه، أبرز الناقد والأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، محمد العناز، أن استعادة الشعر العربي عبر الوسائط الرقمية تمثل منعطفا في علاقتنا مع هذا الفن الأصيل “الذي يشكل أحد روافد هويتنا الحضارية”، مشددا على أهمية تمكين الجيل الجديد من تذوق الشعر وملامسته عبر الحواس الجديدة التي تشكلها الوسائط الرقمية المعاصرة.

وأكد العناز في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن التحدي الجوهري اليوم يتمثل في “زرع الحياة داخل الوسائط”، أي أن ينجح المشتغلون على البرمجيات والعلوم الإنسانية في دمج الشعر داخل هذه البيئات الرقمية بطريقة تفاعلية، تضمن له الاستمرارية والقدرة على التأثير.

وخلص المتحدث إلى هذا أن اللقاء لا يشكل مناسبة لتشخيص واقع الشعر العربي في العصر الرقمي فقط، وإنما دعوة إلى خلق نوع من التواصل بين هذا المكون الهوياتي وبين هذه “الحواس التكونولوجية” التي يعيش بها الجيل الجديد انطلاقا من الشعر باعتباره ضرورة حضارية ملحة لبناء الإنسان المغربي وأيضا لتحصين هويته.

من جهته، اعتبر الشاعر والناقد الإماراتي، سلطان العميمي، أن الحديث عن علاقة الشعر بالتكنولوجيا ينبغي أن يقرأ من زاوية الزمن، موضحا أن “الأسئلة التي نطرحها اليوم لم تكن لتطرح بالطريقة نفسها قبل خمس سنوات، ولن تطرح بالطريقة ذاتها بعد خمس سنوات”، وهو ما يعكس التحول المتسارع وغير المستقر الذي يطبع العصر الحالي في مجال التكنولوجيا.

وأكد العميمي أن التطور التكنولوجي المتلاحق يفوق قدرة العقل الإنساني على التنبؤ أو التخيل، وأنه لا أحد كان يتصور كيف سيكون أثر هذا التطور على العلوم الإنسانية، بما فيها الأدب والفن، مذكرا بتجربتي برنامجي “شاعر المليون” و”أمير الشعراء” الإماراتيين اللتين نجحتا في إحداث رجة إيجابية في الساحة الشعرية في البداية، قبل أن تحتاجا إلى مواكبة التطور وكسر النمط المعتاد في التعاطي مع الشعر.

وأوضح أن التكنولوجيا لا تؤثر فقط في طريقة تلقي القصيدة، بل تمتد إلى لغتها ومفرداتها، بل وحتى إلى السؤال عن الشكل الجديد الذي ينبغي أن تتخذه القصيدة في زمن لم يعد فيه الإلقاء التقليدي كافيا، معتبرا أن هذا الأمر يفرض على الشعراء ابتكار أشكال تعبيرية جديدة تتناغم مع الوسائط الحديثة.

المراكشي/ و م ع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى