وطني

جدل بالبرلمان حول تفشي الفساد في الصفقات العمومية ودعوات لتفعيل المراقبة والمساءلة

تحوّل اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب إلى منصة لمساءلة واقع الصفقات العمومية وطرق تدبير المال العام، حيث عبر عدد من النواب عن قلق متزايد من استفحال الفساد البنيوي الذي يعرقل التنمية ويقوض ثقة المواطنين في المؤسسات.

النقاش داخل اللجنة لم يقتصر على تشخيص الأعطاب، بل تضمن مطالب بإجراءات عملية، أبرزها ما دعا إليه نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي، الذي اقترح تثبيت كاميرات مراقبة داخل مكاتب الإدارات العمومية لتعزيز الشفافية ومحاربة الرشوة اليومية.

وأوضح أن التركيز يجب أن ينصب على الصفقات الكبرى، معتبرا أن ما يسمى بـ”الرشوة الصغيرة” لا يمثل جوهر الفساد الحقيقي الذي يتجلى – حسب قوله – في “التلاعب بالصفقات وتوزيعها بطرق ملتوية”.

وفي مداخلة أخرى، عبّر الحسن لشكر، عن الفريق الاشتراكي، عن استيائه مما وصفه بـ”غياب الإرادة السياسية لمحاربة الفساد”، متهما الحكومة بـ”التراجع عن الإصلاح” بعد سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع دون بديل، كما انتقد شلل اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد، مؤكدا أنها “لم تعقد اجتماعا منذ أربع سنوات”، وهو ما اعتبره دليلا على تعطل آليات التتبع والمراقبة.

أما عائشة الكوط، النائبة عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، فقد اختارت زاوية اجتماعية للموضوع، مشيرة إلى أن القبول الشعبي للرشوة يعمّق الظاهرة، مستشهدة بأمثال دارجة مثل “دهن السير يسير”، وأكدت أن محاربة الفساد ليست مسألة زجرية فقط، بل تتطلب مقاربة تربوية وثقافية تنخرط فيها المدرسة والإعلام والمجتمع المدني.

الكوط عبّرت أيضا عن قلقها من التضييق التشريعي على الجمعيات المدنية، خاصة بعد المقتضيات الجديدة في المسطرة الجنائية التي تمنعها من التبليغ عن قضايا الفساد، معتبرة ذلك تراجعا عن مبدأ إشراك المجتمع المدني في تخليق الحياة العامة، وختمت بالتنبيه إلى أن الصفقات العمومية تظل البؤرة الأخطر للفساد، مؤكدة أن انعكاساته المباشرة تطال جودة المشاريع ومصلحة المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى