
المعارضة تنتقد مشروع ميزانية 2026.. اعتبرته “فارغا” ولايرقى لمستوى التحديات
هاجمت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب مشروع قانون المالية لسنة 2026، معتبرة أنه “فارغ” ولا يرقى إلى مستوى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، خلال الجلسة العامة للجنة المالية والتنمية الاقتصادية التي خُصصت لمناقشة مضامين المشروع.
حموني: استمرار في نفس المنهجيات القديمة
قال رشيد حموني، رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، إن آخر مشروع قانون مالي في عمر الحكومة الحالية “يكرس نفس المنهجيات الميزانياتية التقليدية التي لم تحقق الأثر الاقتصادي والاجتماعي المرجو منذ بداية الولاية”.
وأوضح أن التدابير الواردة في المشروع “لا تعكس بوضوح التوجهات العامة للحكومة، ولا تستجيب لمتطلبات الإصلاح”، مؤكدا أن فريقه سيقترح تعديلات جوهرية لتصحيح “الاختلالات البنيوية” التي يتضمنها النص.
وانتقد حموني ما وصفه بـ”تهميش الحكومة لمبادرات البرلمان واستعمال الأغلبية العددية لتمرير كل شيء دون نقاش حقيقي”، معتبرا أن “ضعف التواصل، والارتباك في اتخاذ القرار، وتجاهل تقارير مؤسسات الحكامة” كلها عوامل تؤدي إلى “احتقان اجتماعي وانعدام الثقة في السياسة والمؤسسات”.
شهيد: مديونية مرتفعة وزمن إصلاحات مهدور
بدوره، اعتبر عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي، أن الحكومة “تخلّف وراءها ديونا والتزامات غير منفذة”، مذكرا بأن المديونية تجاوزت 1124 مليار درهم، فيما بلغت نسبة البطالة 13.3 بالمائة.
وأضاف أن الحكومة “أهدرت زمنا ثمينا في الإصلاحات الكبرى، كملف التقاعد والمقاصة”، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى للحسابات لم يصادق على حسابات الحكومة لثلاث سنوات متتالية.
وسجّل شهيد أن الحكومة جعلت من المديونية “ركيزة أساسية للتوازن المالي” في ظل ارتفاع الاقتراضات المتوسطة والطويلة الأجل إلى 123 مليار درهم برسم سنة 2026، مقابل حاجيات تمويل متبقية تفوق 48 مليار درهم. كما انتقد استمرار ارتفاع النفقات الجبائية لتصل إلى 32 مليار درهم، تمثل فيها الإعفاءات الكلية نحو 73 بالمائة.
السنتيسي: غياب الأولويات وتفاقم الغلاء
من جانبه، قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، إن مشروع قانون المالية الجديد “يفتقر إلى رؤية واضحة وأولويات محددة”، مما يجعل السياسات العمومية “مشتتة ومتضاربة ويصعب على المواطنين فهم وجهتها”.
وأشار إلى أن “الزيادات الضريبية الأخيرة أثقلت كاهل الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، في حين تستفيد الشركات الكبرى من امتيازات مالية واسعة”، متسائلا: “هل يُعقل أن يمول الفقراء رفاه الأغنياء؟”.
وانتقد السنتيسي غياب استراتيجية حقيقية لإصلاح التعليم، سواء في ما يتعلق بنقص الأطر أو هشاشة البنية التحتية، محذرا من أن ضعف تمويل التعليم الأولي والحضانات يفاقم معاناة الأسر، كما شدد على أن “المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا تحظى بالدعم الكافي رغم دورها المحوري في التشغيل والاقتصاد المحلي”.
وفي الجانب الاجتماعي، لفت السنتيسي إلى أن “غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار يوازيه تضييق ضريبي مستمر”، معتبرا أن “زيادة المداخيل الجبائية لا تعني تحسن الاقتصاد، بل تعكس تراجع القدرة الشرائية وضعف السيولة لدى المقاولات”.
بوانو: مشروع “بلا روح” وتدخل ملكي أعاد له مضمونه
أما عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، فاعتبر أن “حديث الأغلبية عن الوضع الاجتماعي الحساس هو اعتراف ضمني بفشل الحكومة في تدبير الشأن العام”.
وقال إن مشروع قانون المالية “مجرد وثيقة تقنية بلا روح أو رهانات حقيقية”، مشيرا إلى أن السنة الأخيرة من الولاية الحكومية “تحولت من مرحلة التدارك إلى مرحلة ركود”.
وأضاف بوانو أن “المشروع كاد يكون فارغا لولا التدخل الملكي الذي منحه مضمونه الحقيقي، سواء في ملفات التشغيل أو إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال”، معتبرا أن هذا التدخل يندرج في إطار الفصل 42 من الدستور لضمان حسن سير المؤسسات.
وختم بوانو قائلا إن “الولاية الحكومية الحالية انتهت فعليا، فهي حكومة تصريف أقوال أكثر من كونها حكومة تصريف أعمال”، مضيفا أن “رهان إدماج المغرب ضمن الدول الصاعدة ظل غائبا عن السياسات العمومية، رغم الحاجة إلى نمو يتجاوز 7 في المائة وعدالة مجالية وتنموية حقيقية”.
توُجمع مداخلات فرق المعارضة بمجلس النواب على أن مشروع قانون مالية 2026 يعكس، في نظرها، “حالة الإنهاك التي بلغتها الحكومة في سنتها الأخيرة”، معتبرة أنه يفتقر إلى نفس إصلاحي حقيقي ورؤية اقتصادية متماسكة.
وترى هذه الفرق أن الأرقام والمؤشرات الواردة في المشروع “لا تترجم الوعود الانتخابية التي رافقت بداية الولاية”، خصوصا في ما يتعلق بتقليص الفوارق الاجتماعية وتحسين الخدمات العمومية وإنعاش التشغيل.



