وطني

الفريق الإشتراكي ينسحب من ملتمس الرقابة لإسقاط حكومة عزيز أخنوش

مبادرة سقطت في فخ الحسابات الحزبية

أعلن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، بشكل مفاجئ، تراجعه عن مبادرة تفعيل ملتمس الرقابة التي كانت تهدف إلى إسقاط حكومة عزيز أخنوش، معبرا عن خيبة أمله مما وصفه بـ”غياب الإرادة السياسية والجدية المطلوبة” من قبل عدد من مكونات المعارضة، والتي أدت إلى إفشال المبادرة قبل أن ترى النور بشكل رسمي.

وكان من المنتظر أن تتقدم المعارضة بملتمس الرقابة إلى مجلس النواب قبل أسبوعين، إلا أن تأجيل الخطوة بسبب “سفر بعض رؤساء فرق المعارضة إلى موريتانيا”، حسب ما تم تداوله، فتح الباب أمام أزمة ثقة وتوترات داخل مكونات المعارضة نفسها.

وأوضح الفريق الاشتراكي في بلاغ رسمي، أنه بادر منذ أواخر 2023 إلى طرح فكرة ملتمس الرقابة، وتمت الإشارة إليها في التقرير السياسي المعروض خلال المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي في يناير 2024، غير أن مسار التنسيق مع باقي الفرق المعارضة واجه مطبات متكررة، أبرزها انسحاب أحد مكونات المعارضة في أبريل 2024، وفشل محاولة ثانية مطلع أبريل 2025، رغم الاتفاق حينها على إعادة صياغة المذكرة وجمع التوقيعات.

وأشار البلاغ إلى أن “طرح ملتمس الرقابة كان هدفه الأساسي فتح نقاش سياسي مسؤول أمام المغاربة حول التحديات الكبرى التي تواجه البلاد، وليس فقط محاولة إسقاط الحكومة، في ظل إدراك مسبق لصعوبة حصد الأغلبية المطلقة داخل البرلمان.”

وعبر الفريق الاشتراكي عن أسفه لما آلت إليه المبادرة، مؤكدا أن “الغايات الديمقراطية تراجعت لصالح رؤية براغماتية ضيقة، لا تراعي التراكم السياسي ولا تطلعات الرأي العام”، مضيفا أن النقاش انزلق نحو اعتبارات شكلية وتسريبات إعلامية موجهة، في تجاوز لما اعتبره أعرافا سياسية وبرلمانية يفترض احترامها.

كما انتقد ما وصفه بـ”الاستخفاف بالآليات الدستورية”، معتبرا أن المواقف السياسية ينبغي أن تُبنى على الوضوح والصدق والالتزام، لا على تكتيكات مؤقتة وتدابير مترددة.

وأكد الفريق الاشتراكي، في بلاغه، أنه قرر توقيف أي تنسيق بخصوص ملتمس الرقابة، لكنه سيواصل أداءه الرقابي بشكل فردي، باعتباره “معارضة اتحادية يقظة ومسؤولة”، ملتزمة بالدفاع عن قضايا المواطنين وقيم الشفافية والديمقراطية.

كما عبّر عن قلقه مما اعتبره “تضييقا ممنهجا على دور المعارضة البرلمانية”، مستشهدا بتغيب رئيس الحكومة وعدد من الوزراء بشكل متكرر عن جلسات المساءلة الشهرية، ما يخلّ – بحسبه – بالتوازن المؤسساتي الذي يقره الدستور المغربي.

الانسحاب من مبادرة ملتمس الرقابة، رغم ما حمله من خيبة أمل للفريق الاشتراكي، كشف في المقابل، وفق متتبعين ومهتمين بالشأن السياسي، عن اختلالات عميقة في بنية المعارضة البرلمانية المغربية، والتي يبدو أنها لم تستطع تجاوز منطق الاصطفاف الحزبي الضيق نحو تنسيق فعال يخدم رهانات الإصلاح والديمقراطية.

فالمبادرة، حتى وإن كانت ستسقط على الأرجح في التصويت داخل المجلس، كان من الممكن أن تمثل، بحسي هؤلاء، لحظة سياسية فارقة وفرصة لفتح نقاش وطني حول الأداء الحكومي، والبدائل الممكنة، ودور المعارضة في إعادة التوازن للمشهد السياسي، لكنها، كما يوضح انسحاب الفريق الاشتراكي، تحولت إلى ساحة للتجاذب وتسجيل النقاط، بدل أن تكون منبرا لممارسة رقابة مؤسساتية فعالة، ما يعمّق أزمة الثقة في العمل الحزبي لدى فئات واسعة من المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى