Site icon Almarrakchi

التساقطات المطرية ترفع مخزون السدود بالمغرب إلى 34 في المائة

عرفت حقينة السدود بالمغرب ارتفاعا ملحوظا عقب التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة، حيث سجل تحسن يقدر بحوالي 482 مليون متر مكعب في ظرف عشرة أيام فقط.

غير أن هذا الارتفاع، على أهميته، لم ينعكس بشكل كبير على نسبة الملء الإجمالية، التي لم تتجاوز حدود 34 في المائة، ما يعني أن قرابة ثلثي الطاقة التخزينية الوطنية لا تزال غير مستغلة، وهي معطيات كشف عنها وزير التجهيز والماء نزار بركة أمام مجلس النواب، تعكس تحسنا مؤقتا في الوضعية المائية، لكنها في الوقت نفسه تُبرز استمرار الهشاشة الهيكلية التي تطبع المنظومة المائية بالمملكة.

ورغم اتساع رقعة التساقطات التي همّت ما يقارب 55 ألف كيلومتر مربع من التراب الوطني، فإن الكميات المسجلة لم تكن كافية لإحداث تحول جوهري في مستوى المخزون المائي، خاصة في ظل توالي سنوات الجفاف وتفاقم آثار التغيرات المناخية، ويكشف هذا المعطى محدودية تأثير التساقطات القوية عندما تكون قصيرة الأمد وغير منتظمة، إذ لم تعد لوحدها قادرة على إعادة التوازن المائي بشكل مستدام.

وتُظهر الأرقام الرسمية أن الاعتماد المتزايد على فترات مطرية مركزة وغير متوقعة يزيد من هشاشة المنظومة المائية، حيث تضيع كميات مهمة من المياه دون أن يتم استغلالها بالشكل الأمثل داخل السدود، أو تتسرب خارج أحواض التجميع.

ويبرز مثال مدينة آسفي هذا الخلل بشكل واضح، إذ لم يتمكن سد تبلغ سعته 3.5 ملايين متر مكعب من تخزين سوى حوالي 200 ألف متر مكعب خلال الأمطار الأخيرة، أي أقل من 6 في المائة من طاقته، بسبب تركز التساقطات داخل المجال الحضري وخارج نطاق حوض السد.

أما التساقطات الثلجية، فرغم أهميتها في تغذية السدود والفرشات المائية على المدى المتوسط، فإنها تبقى بدورها مرتبطة بعوامل مناخية غير مستقرة، ولا يمكن اعتبارها ضمانًا دائمًا للأمن المائي. فالمؤشرات الحالية تؤكد أن المغرب لا يزال بعيدا عن وضع مائي مريح، وأن أي تراجع جديد في معدلات التساقطات قد يُفقد بسرعة المكاسب الظرفية المحققة.

وفي هذا الإطار، تفرض قراءة هذه المعطيات مقاربة حذرة بعيدة عن الاطمئنان، إذ إن بلوغ نسبة ملء لا تتجاوز 34 في المائة يعزز الحاجة إلى الإسراع بتطوير الموارد المائية غير التقليدية، وعلى رأسها تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة، باعتبارها خيارات استراتيجية لا محيد عنها لضمان التزود بالماء الصالح للشرب، ودعم القطاع الفلاحي، ومواكبة متطلبات التنمية.

كما يستدعي الوضع الراهن تعزيز نجاعة شبكات التوزيع، والحد من فاقد المياه، وتحسين تدبير مياه الأمطار داخل المدن، إلى جانب ترسيخ ثقافة الاستعمال العقلاني للموارد المائية، فالماء أصبح اليوم قضية سيادية بامتياز، والتحسن المسجل في الحقينة، رغم دلالته الإيجابية، يظل مؤشرا مؤقتا يؤكد أن اليقظة والاستثمار المستدام والتعبئة الجماعية تشكل الركائز الأساسية لضمان مستقبل مائي أكثر استقرارا.

Exit mobile version