لم يكن الحاج المهدي ذو 76 عاما القاطن بدوار الظلمة دائرة آسني، يتصور يوما أن يعيش لحظات هذا الدمار الهائل الذي أتى على كل منازل الدوار و أزهق أرواحا كثيرة و أخرس مكانا كان يعج بالحياة . يقول الحاج المهدي:” ظننت أنه يوم القيامة، في رمشة عين كل شيء هوى، و عم صمت رهيب بالدوار عدا بعض الصرخات من هنا و هناك للناجين من الزلزال. إنه قدر الله”، بالقرب منه جلس محمد الدقاق رئيس جمعية أنوار تعبيرا عن انشغال عميق بأوضاع ساكنة الحوز التي راكم قرونا من من الصبر في مواجهة الطبيعة القاسية.كما كان برهانا في ضلوعها في بناء الهوية المغربية .مغربي حقيقي آت من الماضي يجالس مغربيا شابا يمثل هؤلاء الذين أكدوا أن الاطلس و سكانه عصيان على النسيان و أن الوطنية الحقيقية تبدأ من المشاركة في تخفيف معاناة سكان الجبال من الثلوج و البرد القارس.
هكذا بدأت قصة بناء مخيم التضامن بخيامه و تجهيزاته و مرافقه و مؤنه و هكذا استنفر رئيس الجمعية جنود جمعية أنوار لتبدأ الملحمة و تبدأ معها رحلتنا.
بدأت الرحلة ضمن قافلة من قوافل المساعدات التي تنظمها جمعية أنوار للتنمية و التضامن لفائدة الساكنة المتضررة من تداعيات زلزال الحوز بأعالي جبال الأطلس الشاهقة.
من مستودعات الجمعية حيث و انت تلج هذه المستودعات تلاحظ استنفارا غير عاديا في صفوف متطوعي الجمعية و أعضاء مكتبها كل واحد يؤدي المهمة التي اوكلت إليه، بعد شحن الخيام و التجهيزات و المواد الغذائية اجتمع الكل حول رئيس الجمعية و أعضاء مكتبها التنفيذي ليتم توضيح وجهة القافلة و التي ستحط الرحال اليوم بدوار الظلمة بدائرة مولاي ابراهيم إقليم الحوز، كما تم عرض كل الترتيبات اللازمة و مدى إنجاز المطلوب.
انطلقت القافلة التي تتكون من سبع سيارات رباعية الدفع و ثلاث شاحنات متوسطة الحجم ممتلئة عن آخرها بالخيام و الأفرشة و الأغطية و مستلزمات الطبخ إضافة لمصابيح شمسية و ملابس و غاز الطبخ.
بعد انطلاق القافلة و انت تتوغل نحو أعالي جبال الأطلس تنهال عليك الذاكرة لتستحضر العمق التاريخي و الحضاري لهذه المناطق ذات التاريخ العريق، مسالك جبلية وعرة كلما اقتربت من مناطق مركز الزلزال إلا و زادت صعوبة التنقل على هذه الطرقات نظرا للانهيارات الصخرية الناتجة عن قوة الزلزال، وما أن وصلت القافلة للوجهة المستهدفة حتى بدأت تدب في الدوار حركة غير عادية، للاعائشة المرأة السبعينية هي أول من جاء لاستقبال القافلة حيث بدأت ترحب بالجمعية و متطوعيها و حرصت أن يتناول المتطوعون الشاي قبل الشروع في إنشاء المخيم، بعد ذلك مباشرة اتفق مسؤولو الجمعية مع أهل الدوار على البقعة الأرضية التي ستحتضن هذا المخيم.
بدأ المتطوعون بمعية بعض الشباب من المنطقة ينصبون الخيام بطريقة بديعة و يجهزونها بكل المستلزمات المذكورة أعلاه، ليبدأ بعد ذلك توزيع الخيام على الأسر، و في حديثنا مع السيد محمد الدقاق رئيس الجمعية و المشرف على القافلة أكد أن عملية دعم و مساعدات الأسر المنكوبة لازالت مستمرة حيث قال:” لقد بلغنا الأهداف التي سطرناها منذ الإعلان عن زلزال الحوز حيث نصبنا لحد الساعة ما يزيد عن 600 خيمة بـ 19 مخيما تتوزع على كل المناطق المنكوبة بإقليم الحوز للاستفادة من هذه المبادرة الإنسانية .”
كما لم يفته أن ينوه بكل الفاعلين المساهمين في إنجاح هذه المبادرة من سلطات محلية و محسنين و ساكنة هذه المناطق، و أكد أن “العملية لازالت سارية المفعول .”
بعد آثار الجهد المبذول على المتطوعين خاطبهم عضو من الجمعية ؛ أنتم اليوم تعملون على إحياء مجد الماضي و حفر “تمغربيت” على صخور الأطلس.
مساهمة الجمعية خطوة تعزز دور الجمعيات المسؤولة التي استنفرت إمكانياتها تجسيدا لقيام المغرب دولة و شعبا من أجل دعم ضحايا الزلزال.